السلام أنزلها الله تعالى على إبراهيم فيها المواعظ، وفيها الأحكام، لكن لم يبين لنا منها شيئاً سوى أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان على التوحيد وعلى الملة المستقيمة، كما قال الله تعالى: ﴿إن إبراهيم كان أمةً قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين شاكراً لأَنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم﴾.
﴿وإبراهيم الذي وفى﴾ ذكر إبراهيم عليه السلام لأنه أبو الأنبياء، فهو أبو الأنبياء في بني إسماعيل، وأبو الأنبياء في بني إسرائيل، وهنا قدم موسى على إبراهيم، وفي سورة الأعلى قدم إبراهيم على موسى، ولا شك أن الأحق بالتقديم إبراهيم عليه السلام؛ لأنه أسبق زمناً وأعلى مرتبة، ولكن مراعاة لفواصل الآيات قدم موسى، ولأجل الثناء الخاص بإبراهيم قدم موسى، وقوله تعالى: ﴿وإبراهيم الذي وفى﴾ أي وفَّى بما أمر به ربه، ومن أعظم ما وفاه أنه أمر بذبح ابنه فامتثل أمر الله - عز وجل - وصمم على تنفيذه، حتى إنه تله على جبينه ليمر السكين على رقبته، ولكن الفرج من عند الله ﴿وفديناه بذبح عظيم﴾ والذي في هذه الصحف قال: ﴿ألا تزر وازرة وزر أخرى﴾ هذه بيان ما في صحف إبراهيم وموسى ﴿ألا تزر وازرة وزر أخرى﴾ أي: لا تحمل إثم ﴿وزر أخرى﴾ أي: أن الإنسان لا يحمل ذنب غيره، إلا أنه يستثنى من ذلك، إذا كان صاحب سنة آثمة فإن عليه وزرها، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، ولكن الحقيقة أن هذا لا يتحمل وزر غيره، لأن غيره قد وزر وأثم، لكن هو تحمل إثم السنة السيئة والبدء بالشر، فيكون حقيقة أنه لم يوزر وزر غيره ولكنه وزر بوزر نفسه ﴿ألا تزر وازرة وزر أخرى﴾ وقد