كذَّب الله تعالى قول الذين كفروا للذين آمنوا ﴿اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم﴾ فقال الله تعالى: ﴿وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون﴾ حتى لو قال لك القائل: افعل هذا الذنب والإثم عليَّ فإنه لا يتمكن من هذا، ولا يمكن، فإن فعل هذا، وقيل له: الإثم عليَّ فالإثم على الفاعل، ثم إن كان الفاعل ممن يغتر بالقول ولا يفهم، فعلى القائل إثم التغرير، أي أنه غرر وخدع ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾ يعني ليس للإنسان من الثواب إلا ثواب ما سعى وما عمل، فلا يمكن أن يعطى من ثواب غيره، يعني لا يمكن أن
نأخذ من أجر زيد ونعطيه عمراً، كما لا يمكن أن نأخذ من سيئات زيد ونضيفها إلى سيئات عمرو، فهذا لا يمكن إلا ما ورد من اقتصاص المظلوم من الظالم، فصار الإنسان مرتهن بكسبه: ﴿كل امرئ بما كسب رهين﴾ ﴿كل نفس بما كسبت رهينة﴾ فلا يمكن أن يؤخذ من حسناته إلى غيره، ولا أن يؤخذ من أوزار غيره فيحمل عليها إلا ما ورد من اقتصاص المظلوم من الظالم.
وقد استدل بعض أهل العلم على أنه لا يمكن أن ينتفع الميت بثواب عمل غيره، لأن الله قال: ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾ وعلى هذا فلو أنك صليت ركعتين لزيد وهو ميت، أو صمت يوماً لزيد وهو ميت فإنه لا ينفعه، لعموم قوله: ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾ فإذا أورد عليهم أن النبي ﷺ قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (١) قالوا: هذا في الواجب، لأن
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم (١٩٥٢) ومسلم، كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت (١١٤٧).


الصفحة التالية
Icon