فقال: ﴿الذكر والأُنثى﴾ من مادة واحدة، ﴿نطفة﴾ وهي المني ﴿إذا تمنى﴾ أي: تراق وتصب في رحم المرأة، فالله - عز وجل - خلق هذين الصنفين المختلفين خلقاً، والمختلفين مزاجاً، والمختلفين عقلاً، والمختلفين فكراً، خلقهما من شيء واحد من نطفة، ولهذا قال الله تبارك وتعالى في آخر سورة القيامة: ﴿فجعل منه الزوجين الذكر والأُنثى أليس ذلك بقدر على أن يحيى الموتى﴾ الجواب: بلى، فالله تعالى خلق الزوجين من شيء واحد، وهذا يدل على كمال قدرته - جل وعلا - إذ إنه خلق صنفين مختلفين في كل الأحوال: في القوة البدنية والعقلية، والفكرية، والتنظيمية يختلف الذكر عن الأنثى، وبذلك نعرف ضلال أولئك القوم الذين يريدون أن
يلحقوا المرأة بالرجل في أعمال تختص بالرجل، فإنهم سفهاء العقول، ضلال الأديان، فكيف يمكن أن نسوي بين صنفين، فرَّق الله بينهما خلقة وشرعاً، فهناك أحكام يطالب بها الرجل ولا تطالب بها المرأة، وأحكام تطالب بها المرأة ولا يطالب بها الرجل، وأما قدراً وخلقة فالأمر واضح، لكن هؤلاء الذين لم يوفقوا وسلب الله عقولهم وأضعف أديانهم يحاولون الآن أن يلحقوا النساء بالرجال، وهذه لا شك أنها فكرة خاطئة مخالفة للفطرة، ومخالفة للطبيعة كما أنها مخالفة للشريعة ﴿وأن عليه النشأة الأُخرى﴾ أي: على الله، وفي هذا دليل على أن الله أوجب على نفسه أن يبعث الناس، لأنه لو كان الناس يحيون ويموتون بلا إرجاع لكان هذا عبثاً محضاً؛ لأننا نعلم الآن أن الناس في الدنيا يختلفون في الغنى والفقر، والقوة والضعف،