الأرض كلها عيوناً والسماء تمطر، والتقى الماء، ماء السماء وماء الأرض على أمر قد قدر، يعني أمر مقدر محدد بدون زيادة ولا نقص، فغرق القوم حتى بلغ الماء قمم الجبال، ويذكر أن امرأة كان معها صبي فكلما علا الماء صعدت الجبل، كلما علا الماء صعدت الجبل، حتى وصل الماء إلى قمة الجبل ووصل إلى المرأة وارتفع إلى جسدها، وكان معها صبي، فحملت الصبي على يديها ترفعه، لئلا يغرق قبلها، وجاء في الحديث: «لو رحم الله أحداً لرحم أم الصبي» (١) لكن إذا حقت كلمة الله فلا راد لقضاء الله تعالى، أجارني الله وإياكم من العذاب الأليم، وقوله: ﴿إنهم كانوا هم أظلم وأطغى﴾ اختلف المفسرون في مرجع الضمير فقيل: إن الضمير يعود على قوم نوح فقط.
وقيل: إنه يعود على كل الأمم التي ذكرها الله - عز وجل - ممن أهلكهم.
فعلى القول الأول يكون المعنى أن قوم نوح أظلم وأطغى من قوم ثمود وعاد، ووجه ذلك أنهم حصل منهم عتو واستكبار مع طول المدة، حيث إن نوحاً - عليه الصلاة والسلام - لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، يقول الله تبارك وتعالى عنه: {قال رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً فلم يزدهم دعائي إلا فراراً وإني كلما دعوتهم
_________
(١) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/٣٤٢) (٢/٥٤٧) وقال في الموضعين: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي في الموضع الأول بقوله: إسناده مظلم، وموسى ليس بذاك. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/٢٠٣) رواه الطبراني في الأوسط وفيه موسى بن يعقوب الزمعي وثقه ابن معين وغيره وضعفه ابن المديني وبقية رجاله ثقات.