إلى أن هذا من أشراط الساعة، ﴿وانشق القمر﴾ والمعنى أنه صار فرقتين تميز بعضهما عن بعض، أحدهماعلى جبل أبي قبيس، والثانية على جبل قعيقعان يعني فلقة على الصفا وفلقة على المروة، والمسافة السماوية في رؤيا العين ما بين الصفا والمروة بعيدة جداً، قد تستغرق سنوات، انشق القمر بلحظة بأمر الله - عز وجل - وتباعدت أجزاؤه بلحظة، لأن قريشاً كانوا يتحدون الرسول عليه الصلاة والسلام ويطلبون منه الآيات، وقد قال الله ردًّا عليهم: ﴿قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم﴾ لكن لم يكفهم، لأنهم معاندون لا يريدون الحق، أتوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قالوا: يا محمد أنت تقول إنك رسول، وإنك يأتيك الخبر من السماء وكذا وكذا فأرنا آية، فأشار النبي ﷺ إلى القمر ودعا ربه فانفلق فرقتين بلحظة (١)،
ومن يفلق هذا الجسم العظيم الأفقي العالي إلا رب العالمين - عز وجل -؟! أراهم إياه، ولكن لم ينفعهم، وقالوا: سحرنا محمد، وبعضهم قال: سحر القمر، وأنكروا، فقال بعضهم لبعض: اسألوا المسافرين إذا قدموا هل رأوه أم لا؟ فصاروا يسألون المسافرين من كل وجه: هل رأوه أم لا؟ فيقولون: نعم، رأيناه في الليلة الفلانية كذا وكذا، وهذا بالنسبة للقريبين منهم كأهل الجزيرة مثلاً، أما البعيدون فقد لا
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب قول الله تعالى: ﴿اقتربت الساعة وانشق القمر﴾ (رقم ٤٨٦٤) ومسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب انشقاق القمر (رقم ٢٨٠٠)..


الصفحة التالية
Icon