وهي نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض للإفساد بينهم، حتى قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لا يدخل الجنة قتَّات» (١)
أي نمَّام، وصح عنه ﷺ أنه مر بقبرين يُعذبان، فقال: «إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير» - أي في أمر شاق عليهما - «أما أحدهما فكان لا يستتر من البول»، أو لا يستبرىء أو لا يستنزه من البول «وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة» يمشي بين الناس ينمّ الحديث إلى الآخرين ليفسد بين الناس، ثم أخذ جريدة رطبة فشقَّها نصفين وغرز في كل قبر واحدة فقالوا: يا رسول الله، لمَ فعلت هذا؟ قال: «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا» (٢). ومن هذا النوع ما ينسب إلى بعض العلماء من الفتاوى التي لم يتكلم بها إطلاقاً، أو تكلم ولكن فُهِمَ ما ينقل عنه خطأ، فإن بعض الناس قد يفهم من العالِم كلمة على غير مراد العالِم بها، وقد يسأل العالِم سؤالاً يتصوره العالم على غير ما في نفس هذا السائل، ثم يجيب على حسب ما فهمه، ثم يأتي هذا الرجل وينشر هذا القول الذي ليس بصحيح، وكم من أقوال نسبت إلى علماء أجلاء، لم يكن لها أصل؛ لهذا يجب التثبُّت فيما يُنقل عن العلماء أو غير العلماء، ولا سيما في هذا الزمن الذي كثرت فيه الأهواء، وكثر فيه التعصب، وصار الناس كأنهم يمشون في عمى.
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب ما يكره من النميمة (٦٠٥٦) ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم النميمة (١٠٥) (١٦٩)..
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله (٢١٦) ومسلم، كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه (٢٩٢)


الصفحة التالية
Icon