الغربية، أتت من جهة الغرب لعاد، فقالوا: هذا عارض ممطرنا.
وكانوا قد أجدبوا قبل ذلك سنوات، فلما أقبلت بسوادها وعظمتها وزمجرتها قالوا: هذا عارض ممطرنا، ولكن الأمر كان بالعكس، كانت ريحاً فيها عذاب أليم، كانت ريحاً عقيمة ليس فيها مطر، ولا يرجى أن يأتي منها مطر، ﴿في يوم نحس مستمر﴾، أي: في يوم شؤم مستمر بالنسبة لعاد، وليس كل وقت، فاليوم الذي أهلكوا فيه ليس هو نفسه نحساً مستمر، ولكنه بالنسبة لهؤلاء كان يوم نحس مستمراً، كما قال الله تعالى عن قوم نوح: ﴿أغرقوا فأدخلوا ناراً﴾ هؤلاء أهلكوا بالريح فأدخلوا النار، فالنحس أي الشؤم كان مستمراً معهم، فعذاب الآخرة متصل بعذاب الدنيا ﴿تنزع الناس﴾ أي: تأخذهم بشدة وقوة وترفعهم إلى السماء - نسأل الله العافية - حتى قال بعضهم: ترفعهم حتى يغيب الإنسان عن الرؤية من علوه، ثم تطرحه في الأرض، وإذا سقطوا على الأرض سقطوا على أم رؤوسهم ثم انفصل الرأس عن الجسد من شدة الصدمة، تنزع الناس ﴿كأنهم﴾ في حال سقوطهم الأرض ﴿أعجاز نخل منقعر﴾، أعجاز أي أصول، والنخل معروف، والمنقعر الساقط من أصله، يعني كأنهم نخل سقط من أصله بقيت جثته، وصاروا كأعواد النخل؛ لأنه ليس لهم رؤوس على ما قال المفسرون، حيث إن رؤوسهم انفصلت من شدة الصدمة، فسبحان القوي العزيز، هؤلاء القوم الأشداء الأقوياء وصلوا إلى هذه الحال بريح من عند الله - عز وجل - تنزع الناس: ﴿كأنهم أعجاز نخل منقعر﴾.


الصفحة التالية
Icon