الذكر والوحي من بيننا؟ هذا لا يمكن، أربع شبهات وهم يرونها حججاً توجب رد صالح عليه الصلاة والسلام، والواقع إنها ليست بحجج، بل هي شبه وتضليل، وهكذا المبطلون في كل زمان ومكان يوردون الشبه على الحق، ولكن الله سبحانه وتعالى لابد أن يبين الحق، ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيي عن بينة، ثم قالوا: ﴿بل هو كذاب أشر﴾ ﴿بل﴾ هنا لإبطال دعواه أنه حق ﴿كذاب﴾ صيغة مبالغة وفي نفس الوقت وصف، لأن كلمة فعال تأتي للمبالغة وتأتي للوصف، فإذا قلت: فلان نجار، يعني من النجارين، وإن لم ينجر إلا مرة واحدة، وإذا قلت فلان نجار لكثرة النجارة صارت مبالغة، فهم يرون - والعياذ بالله - أنه كذاب موصوف بالكذب، ليس له صفة إلا الكذب، وكثير الكذب أيضاً ﴿أشر﴾ أي: بطر متعال، متعاظم مستكبر، مدعٍ ما ليس له، قال الله تعالى: ﴿سيعلمون غداً من الكذاب الأَشر﴾ سيعلمون غداً أي: يوم القيامة، والسين هنا للتحقيق والتقريب، لأنك إذا قلت سيقوم زيد فهذا تأكيد وتقريب أيضاً، فإذا قال قائل: التقرير معروف أن الساعة آتية لا ريب فيها، لكن كيف التقريب؟ قلنا: إن الله يقول: ﴿وما يدريك لعل الساعة تكون قريباً﴾ ومن الأمثال العابرة (كل آت قريب)، والذي بقي عليه ألف سنة أقرب من الذي لم يمض عليه إلا عشر دقائق، لأن الذي مضى عليه عشر دقائق لا يمكن أن يرجع، لكن المستقبل لابد أن يأتي، ﴿إن ما توعدون لآت﴾ وسمي يوم القيامة غداً لأنه يأتي بعد يومه، ﴿سيعلمون
غداً من الكذاب الأَشر﴾
، أصالح هو أم هؤلاء


الصفحة التالية
Icon