من يستحقه، إما الناقة وإما هم، وبقوا على هذا لكن لم يستمروا، ﴿فنادوا صحبهم﴾ الذي يرونه قويًّا شجاعاً، وقالوا له: هذه الناقة ضايقتنا لو أننا عقرناها لكنا نشرب كل يوم، فطلبوا منه أن يعقرها - نسأل الله العافية - وهذا الصاحب القوي الشجاع الذي يرونه أشد منهم إقداماً، بقطع النظر عن اسمه، فبعض المفسرين سماه، لكن لا يهمنا لم يتأخر، بل بادر ﴿فتعاطى فعقر﴾ تعاطى تفاعل من العطاء يعني بذل نفسه وبسرعة، ويدل على السرعة الفاء في قوله ﴿فتعاطى﴾ من حين نادوه، وافق ﴿فعقر﴾، عقر الناقة - نسأل الله العافية - قطع أطرافها أولاً، ثم نحرها ثانياً، وهي من آيات الله - عز وجل - ومن مصالحهم - لكن نسأل الله العافية - نفوسهم لا تقبل، ﴿فكيف كان عذابي ونذر﴾ يقول الله - عز وجل - مخاطباً الإنسان: ﴿فكيف كان عذابي ونذر﴾ ؟ هل وقع موقعه؟ وهل كان شديداً؟ الجواب: نعم، كان في موقعه، وكان شديداً، ما هذا العذاب؟ ﴿إنا أرسلنا عليهم صيحةً واحدة فكانوا كهشيم المحتظر﴾ صيح بهم - والعياذ بالله - مع الرجفة، ففي السماء أصوات، وفي الأرض رجفان، أخذتهم الرجفة والصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين، كأنهم لم يغنوا فيها، كأنهم ما وجدوا ﴿فكانوا كهشيم المحتظر﴾ يعني الحضار يجعله
الإنسان لغنمه فالأعرابي في البادية يجعل على الغنم حضار من الشجر اليابس ومن عسب النخل، وما أشبه ذلك، لئلا تخرج، ولئلا تعدو عليها السباع. هذا الحضار مع طول الزمن والشمس والرياح يتفتت حتى يتلاشى، كان هؤلاء الأقوياء الأشداء المكذبين لرسولهم كانوا كهشيم المحتضر، أي كالحضار حينما


الصفحة التالية
Icon