منهما جميعاً وجب الأخذ بظاهرها، لكن لا شك أن اللؤلؤ من الماء المالح أكثر وأطيب، لكن لا يمنع أن نقول بظاهر الآية، بل يتعين أن نقول بظاهر الآية، وهذه قاعدة في القرآن والسنة: إننا نحمل الشيء على ظاهره، ولا نؤول، اللهم إلا لضرورة، فإذا كان هناك ضرورة، فلابد أن نتمشى على ما تقتضيه الضرورة، أما بغير ضرورة فيجب أن نحمل القرآن والسنة على ظاهرهما ﴿فبأي ءالاء ربكما تكذبان﴾ لأن ما في هذه البحار وما يحصل من المنافع العظيمة، نِعم كثيرة لا يمكن للإنسان أن ينكرها أبداً.
﴿وله الجوار المنشئات في البحر كالأَعلام﴾ أي لله - عز وجل - ملكاً وتدبيراً وتيسيراً ﴿الجوار﴾ بحذف الياء للتخفيف، وأصلها الجواري جمع جارية، وهي السفينة تجري في البحر كما قال الله - عز وجل -: ﴿ألم تر أن الفلك تجرى في البحر بنعمت الله﴾ ﴿المنشئات﴾ أي: التي أنشأها صانعوها ليسيروا عليها في البحر، وقوله: ﴿في البحر﴾ متعلق بالجواري أي الجواري في البحر، وليست فيما يظهر متعلقة بالمنشآت، يعني الجواري التي تصنع في البحر، لأن السفن تصنع في البر أولاً، ثم تنزل في البحر، وقوله: ﴿كالأَعلام﴾ تشبيه، والأعلام جمع علم وهو الجبل، كما قال الشاعر:
وإن صخراً لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار
كأنه جبل، ومن شاهد السفن في البحار رأى أن هذا التشبيه منطبق تماماً عليها، فهي كالجبال تسير في البحر بأمر الله - عز وجل -، وإنما نص الله عليها لأنها تحمل الأرزاق من جانب إلى