أصحابه على إثر مطر كان، قال لهم بعد صلاة الصبح: «هل تدرون ماذا قال ربكم» ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي، كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا، وكذا، فذلك كافر بي، مؤمن بالكوكب» (١).
﴿سنفرغ لكم أيها الثقلان فبأي ءالآء ربكما تكذبان﴾ هذه الجملة المقصود بها الوعيد، كما يقول قائل لمن يتوعده سأتفرغ لك، وأجازيك. وليس المعنى أن الله تعالى يشغله شأن عن شأن ثم يفرغ من هذا، ويأتي إلى هذا، هو سبحانه يدبر كل شيء في آن واحد في مشارق الأرض ومغاربها وفي السماوات، وفي كل مكان يدبره في آن واحد، ولا يعجزه. فلا تتوهمن أن قوله: ﴿سنفرغ﴾ أنه الآن مشغول وسيفرغ.
بل هذه جملة وعيدية تعبر بها العرب، والقرآن الكريم نزل بلغة العرب وفي قوله: ﴿سنفرغ لكم﴾ من التعظيم ما هو ظاهر حيث أتى بضمير الجمع، ﴿سنفرغ﴾ تعظيماً لنفسه - جل وعلا - وإلا فهو واحد، وقوله: ﴿أيها الثقلان﴾ يعني الجن والإنس، وإنما وجه هذا الوعيد إليهما، لأنهما مناط التكليف، ﴿فبأي ءالآء ربكما تكذبان﴾ سبق تفسيرها فلا حاجة إلى التكرار ﴿يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأَرض فانفذوا﴾ بعد الوعيد قال: ﴿إن استطعتم أن تنفذوا﴾ أي: مما نريده بكم {من أقطر السماوات والأَرض
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم (٨٤٦) ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء (٧١).


الصفحة التالية
Icon