فانفذوا} ولكنكم لا تستطيعون هذا، فالأمر هنا للتعجيز، ولهذا قال: ﴿لا تنفذون إلا بسلطان﴾ يعني ولا سلطان لكم، ولا يمكن أحد أن ينفذ من أقطار السماوات والأرض إلى أين يذهب؟ لا يمكن ثم قال: ﴿فبأي ءالآء ربكما تكذبان يرسل عليكما شواظ من نار﴾ يعني لو استطعتم، أو لو حاولتم لكان هذا الجزاء ﴿يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس﴾ أي: محمى بالنار ﴿فلا تنتصران﴾ أي: فلا ينصر بعضكم بعضاً، وهذه الآية في مقام التحدي، وقد أخطأ غاية الخطأ من زعم أنها تشير إلى ما توصل إليه العلماء من الطيران، حتى يخرجوا من أقطار الأرض ومن جاذبيتها، وإلى أن يصلوا كما يزعمون إلى القمر أو إلى ما فوق القمر، فالآية ظاهرة في التحدي، والتحدي هو توجيه الخطاب إلى من لا يستطيع، ثم نقول: إن هؤلاء هل استطاعوا أن ينفذوا من أقطار السماوات، لو فرضنا أنهم نفذوا من أقطار الأرض ما نفذوا من أقطار السماوات، فالآية واضحة أنها في مقام التحدي، وأنها لا تشير إلى ما زعم هؤلاء أنها تشير إليه، ونحن نقول الشيء الواقع لا نكذبه، ولكن لا يلزم من تصديقه أن يكون القرآن دل عليه أو السنة، الواقع واقع، فهم خرجوا من أقطار الأرض، وهذا واقع لا يحتاج إلى دليل، وهذه الآية في سياقها
إذا تأملتها وجدت أن هذا التحدي يوم القيامة، لأنه قال: ﴿كل من عليها فان﴾، ثم ذكر ﴿يسأله من في السماوات والأَرض﴾ ثم ذكر ﴿يا معشر الجن﴾، ثم ذكر ما بعدها يوم القيامة، ﴿فإذا انشقت السماء﴾ يعني تفتحت وذلك يوم القيامة، كما قال تعالى: {إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت وإذا الأرض