في الدنيا والآخرة، ومن سواهم فإنهم موضوعون بحسب بعدهم عن الإيمان والعلم، وتخفض أهل الجهل والعصيان، وكم من إنسان في الدنيا رفيع الجاه، معظم عند الناس يكون يوم القيامة من أحقر عباد الله، والجبارون المتكبرون يحشرون يوم القيامة كأمثال الذر يطؤهم الناس بأقدامهم (١)،
مع أنهم في الدنيا متبخترون مستكبرون عالون على عباد الله، لكنهم يوم القيامة موضوعون مهينون قد أخزاهم الله - عز وجل - ﴿إذا رجت الأَرض رجاً﴾ يعني زلزلت زلزلة عظيمة، ولهذا قال: ﴿رجاً﴾ أي: رجًّا عظيماً، وأنت تصور أنك ترج إناء فيه ماء كيف يكون اضطراب الماء فيه، فالأرض يوم القيامة ترج بأمر الله - عز وجل -، وهذا كقوله تعالى: ﴿إذا زلزلت الأَرض زلزالها﴾ وقوله تعالى: ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم﴾، ﴿وبست الجبال بساً﴾ أي: بعثرت وهبطت وصارت كثيباً مهيلاً، ولهذاقال: ﴿فكانت هباءً منبثاً﴾ كالهباء الذي نراه حينما تنعكس أنوار الشمس في حجرة مظلمة، ترى هذا الهباء من خلال ضوء الشمس منبثًّا متفرقاً، هذه الجبال الصم الصلبة التي يكون الصخر فيها أكبر من الجبال، بل ربما يكون الجبل الواحد صخرة واحدة يكون يوم القيامة هباء منبثًّا بأمر الله - عز وجل -، فتبقى الأرض ليس فيها جبال ولا شجر ولا أودية ولا رمال، كما قال الله - عز وجل -: {ويسئلونك عن الجبال فقل
_________
(١) أخرجه الترمذي، كتاب صفةالقيامة، باب ٤٧ (رقم ٢٤٩٢) وقال: هذا حديث حسن صحيح..