يخفى عليه شيء في الأَرض ولا في السماء}. فعلم الله تعالى محيط بكل شيء، والإنسان إذا علم أن الله محيط بكل شيء حتى ما يضمره في قلبه، فإنه يخاف ويرهب ويهرب من الله إليه - عز وجل - ولا يقول قولاً يغضب الله، ولا يفعل فعلاً يغضب الله، ولا يضمر عقيدة تُغضب الله؛ لأنه يعلم أن الله - سبحانه وتعالى - يعلم ذلك، لا يخفى عليه، وأما الحكيم فهو ذو الحكمة البالغة، والحكمة هي أن جميع ما يحكم به جل وعلا موافق ومطابق للمصالح، ما من شيء يحكم الله به إلا وهو حكمة عظيمة، قال الله تبارك وتعالى: ﴿حكمة بالغة فما تغنى النذر﴾. وقال تعالى: ﴿أليس الله بأحكم الحاكمين﴾. وقال تعالى: ﴿ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون﴾. فمعنى الحكيم، أي ذو الحكمة البالغة، وله معنى آخر وهو: ذو الحكم التام، فإن الله تعالى له الحكم، كما قال تعالى: ﴿وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله﴾.
وقال تعالى: ﴿فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأَخر﴾ ولا أحد يحكم بهواه ﴿ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأَرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون﴾
﴿وإن طآئفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأُخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين﴾ طائفتان مفردها طائفة، وهي الجماعة من الناس، وقوله: ﴿اقتتلوا﴾ جمع، وإنما جمع لأن الطائفة تشتمل على أفراد كثيرين، فلذلك صح أن يعود


الصفحة التالية
Icon