يبدل الله تعالى أمثالنا أي ينشئنا خلقاً آخر وذلك يوم القيامة.
﴿وننشئكم في ما لا تعلمون﴾ وذلك يوم القيامة ﴿ولقد علمتم النشأة الأُولى﴾ وهي أنكم نشأتم في بطون أمهاتكم، وأخرجكم الله - عز وجل - من العدم ﴿فلولا تذكرون﴾ أي: فهلا تذكرون وتتعظون، وهذا دليل عقلي من الله - عز وجل - يعرضه على عباده ومعناه: إنا بدأناكم أول مرة فإذا بدأناكم أول مرة، فلسنا بمسبوقين على أن نعيدكم ثاني مرة.
﴿أفرءيتم ما تحرثون أءنتم تزرعونه أم نحن الزارعون﴾ أي: أخبروني أيها المكذبون بالبعث عن الذي تزرعونه بالحرث: هل أنتم الذين تخرجونه زرعاً بعد الحب أم نحن الزارعون؟ الجواب: بل أنت يا ربنا، أنت الذي تزرعه، أي تنبته حتى يكون زرعاً، كما قال - جل وعلا -: ﴿إن الله فالق الحب والنوى﴾ فلا أحد يستطيع أن يفلق هذه الحبة حتى تكون زرعاً، ولا هذه النواة حتى تكون نخلاً، إلا الله - عز وجل - ﴿لو نشاء لجعلناه حطاماً﴾ ولم يقل - عز وجل - لو نشاء لم نخرجه بل قال: ﴿لجعلناه حطاماً﴾ أي: بعد أن يخرج ويكون زرعاً وتتعلق به النفوس يجعله الله تعالى حطاماً، وهذا أشد ما يكون سبباً للحزن والأسى؛ لأن الشيء قبل أن يخرج لا تتعلق به النفوس، فإذا خرج وصار زرعاً ثم سلط الله عليهم آفة، فكان حطاماً، أي: محطوماً لا فائدة منه، فهو أشد حسرة ﴿فظلتم تفكهون﴾ أي: تتفكهون بالكلام تريدون أن تذهبوا الحزن عنكم، فتقولون ﴿إنا لمغرمون﴾ أي لحقنا الغرم بهذا الزرع الذي صار حطاماً، ثم تستأنفون فتقولون: {بل نحن