محرومون} أي: حرمنا هذا الزرع، وصار حطاماً ففقدناه، ثم انتقل الله - عز وجل - إلى مادة أخرى، وهي مادة الحياة، وهي الماء فقال: ﴿أفرءيتم الماء الذي تشربون﴾ أي: أخبرونا عنه من الذي خلقه؟ من الذي أوجده ﴿أءنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون﴾ ؟ والجواب: بل أنت يا ربنا، والمعنى: هل أنتم أنزلتم الماء الذي تشربونه من المزن أي من السحاب أم نحن المنزلون؟ الجواب: هو الله - عز وجل -، لأنه يرسل إلينا السحاب فينزل المطر فمنه ما يبقى على الأرض، وما شربته الأرض يسلكه الله تعالى ينابيع في الأرض، ويستخرج من الآبار، ويجري من العيون، فأصل الماء الذي نشرب من المزن، من السحاب، ولذلك إذا قلَّ المطر في بعض الجهات قل الماء وغار، واحتاج الناس إلى الماء
﴿لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون﴾ أي: جعلناه مالحاً، كريه الطعم لا يمكن أن يشرب، وهنا يقول: ﴿لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون﴾ ولم يقل: لو نشاء لغورناه، أو منعنا إنزاله؛ لأن كونهم ينظرون إلى الماء رأي العين ولكن لا يمكنهم شربه، أشد حسرة مما لو لم يكن موجوداً، والله - عز وجل - يريد أن يتحداهم بما هو أعظم شيء في حسرة نفوسهم ﴿فلولا تشكرون﴾ أي فهلا تشكرون الله - عز وجل - على إنزاله من المزن، وعلى كونه سائغاً عذباً لذيذ الطعم سريع الهضم، ثم انتقل الله تعالى إلى أمر ثالث يصلح به الطعام والشراب وهو النار، فقال: ﴿أفرءيتم النار التى تورون﴾ أي: توقدون ﴿أءنتم أنشأتم شجرتهآ أم نحن المنشئون﴾ والجواب: بل أنت يا ربنا، وشجرة النار هي شجر معروف في