بمواقع النجوم: الأنواء، وكانوا في الجاهلية يعظمونها حتى إنهم يقولون: إن المطر ينزل بالنوء.
ويقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، والمهم أن الله تعالى أقسم بمواقع النجوم على أمر من أعظم الأمور، وهو قوله: ﴿وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرءان كريم﴾ لكن الله بين عظم هذا القسم قبل أن يبين المقسم عليه، فقال ﴿وإنه لقسم لو تعلمون عظيم﴾ وأتى بالجملة الاعتراضية في قوله: ﴿لو تعلمون﴾ إشارة على أنه يجب أن نتفطن لهذا القسم وعظمته حتى نكون ذوي علم به ﴿إنه لقرءان كريم﴾ أي: إن الذي نزل على محمد ﷺ ﴿لقرءان كريم﴾، والكرم يراد به الحسن والبهاء والجمال، كما في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه - حين بعثه إلى اليمن وأمره أن يبين للناس أن عليهم زكاة في أموالهم قال: «إياك وكرائم أموالهم» (١) والكرائم جمع كريمة، والمراد بها الشاة الحسنة الجميلة، وهو كريم أعني القرآن كريم في ثوابه، فالحرف بحسنة، والحسنة بعشرة أمثالها، وهو كريم في آثاره على القلوب وصلاحها، فإن قراءة القرآن تلين القلوب، وتوجب الخشوع لله - عز وجل - وكريم في آثاره بدعوة الناس إلى شريعة الله كما قال تعالى: ﴿فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً﴾ فالمهم أن القرآن كريم بكل معنى الكرم ﴿في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون﴾ اختلف العلماء - رحمهم الله - في
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب أخذ الصدقة من الأغنياء (١٤٩٦) ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (١٩).


الصفحة التالية
Icon