﴿تنزيل من رب العالمين﴾ أي: هذا القرآن تنزيل من رب العالمين، نزل من عند الله - عز وجل -، لأنه كلامه، وكلام الله تعالى منزل غير مخلوق، ويستفاد من هذه الآية الكريمة أن القرآن ليس بمخلوق، لأنه نزل من الله فهو كلامه، وكلامه من صفاته تعالى، وصفاته غير مخلوقة، وفي قوله: ﴿تنزيل من رب العالمين﴾ إشارة إلى أنه يجب علينا أن نعمل به؛ لأن الذي أنزله هو الرب المطاع الخالق الرازق، الذي يجب أن نطيعه بما أمر، وننتهي عما نهى عنه وزجر و ﴿العالمين﴾ كل من سوى الله، وسموا عالمين؛ لأنهم علم على خالقهم، فإن هذا الخلق إذا تأمله الإنسان دله على ما لله - عز وجل - من عظمة وسلطان ورحمة وغير ذلك من صفاته ﴿أفبهذا الحديث أنتم مدهنون﴾ يعني أبعد هذا البيان لعظمة القرآن الكريم تدهنون به الكفار وتسكتون عن بيانه وعن العمل به، وهذا الاستفهام للإنكار، لأن الواجب على من آمن بأنه ﴿تنزيل من رب العالمين﴾، وأنه قرآناً كريماً، وأنه لا يمسه إلا المطهرون الواجب أن يصارح ويصرح ولا يدهن، وقد قال الله تعالى في آيات أخرى: ﴿ودوا لو تدهن فيدهنون﴾ ولكن هذا ليس بحاصل، فالواجب على المؤمن أن يبرز بدينه ويفتخر به ويظهره، خلاف ما كان عليه كثير من الناس اليوم مع الأسف، تجد الرجل منهم إذا قام ليصلي يستحي أن يصلي، وربما يداهن ويؤخر الصلاة عن وقتها موافقة لهؤلاء الذين لا يصلون، وهذا غلط عظيم، بل الواجب أن يكون الإنسان صريحاً فلا يداهن في دين الله - عز وجل - {وتجعلون رزقكم أنكم


الصفحة التالية
Icon