تكذبون} أي: تجعلون عطاء الله إياكم تكذيباً له كما قال - عز وجل -: ﴿يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها﴾ ومن ذلك أن ينسب الإنسان نعمة الله - عز وجل - إلى السبب متناسياً المسبب سبحانه وتعالى، كقوله مثلاً: مطرنا بنوء كذا فينسب المطر إلى النوء لا إلى الخالق - عز وجل -، فهذا
نوع من الشرك، كما جاء ذلك صريحاً في حديث زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى بهم صلاة الصبح ذات يوم في الحديبية وقد نزل مطر، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أتدرون ماذا قال ربكم؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «قال أصبح من عبادي مؤمن بي، وكافر» يعني انقسموا إلى قسمين مؤمن وكافر، «فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب» (١).
﴿فلولا إذا بلغت الحلقوم﴾ أي: الروح، والذي يعين المرجع هنا السياق كما في قول الله تبارك وتعالى: ﴿فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب﴾ أي: الشمس، ولم يسبق لها ذكر، ولكن السياق يدل على ذلك، فمرجع الضمير تارة يكون مذكوراً، وتارة يكون معلوماً: إما بالسياق وإما بشيء آخر، والحلقوم هو مجرى النفس، وفي جانب الرقبة الأسفل مجريان: مجرى الطعام والشراب، ويسمى المريء، ومجرى
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية (رقم ٤١٤٧) ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء (رقم ٧١).