ولا أن نسبي ذرية، لأن هؤلاء مؤمنون، ﴿فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين﴾ أي: فإن فاءت إلى أمر الله بعد أن قاتلناها ورجعت ووضعت الحرب، وجب أن نصلح بينهما بالعدل، وهذا غير الإصلاح الأول، الإصلاح الأول لوقف القتال، وهذا الإصلاح بالتقدير فننظر ماذا تلف على كل طائفة، ثم نسوي بينهما، فمثلاً إذا كانت إحدى الطائفتين أتلفت على الأخرى ما قيمته مليون ريال، والثانية أتلفت على الأخرى ما قيمته مليون ريال، فحينئذ تعادل الطائفتان، فإن كانت إحداهما أتلفت على الأخرى ما قيمته ثمانمائة ألف ريال، والأخرى أتلفت ما قيمته مليون فالفرق مائتا ألف ريال تحملها على الأخرى التي أتلفت ما قيمته مليون، ولهذا قال: ﴿فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين﴾ أي يحب العادلين، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن المقسطين على منابر من نور عن يمين الله عز وجل، الذين يعدلون في أهليهم، وما ولوا (١)
من أمور المسلمين، ثم قال - عز وجل -: ﴿إنما المؤمنون إخوة﴾ هذا كالتعليل لقوله: ﴿فأصلحوا بينهما﴾ يعني إنما أوجب الله علينا الإصلاح بين الطائفتين المقتتلتين؛ لأن المؤمنين إخوة. الطائفتان المقتتلتان هما أخوان، ونحن أيضاً إخوة لهم حتى مع القتال.
فإذا قال قائل: أليس النبي ﷺ قد قال: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» (٢) والكافر ليس أخاً للمؤمن؟
_________
(١) أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر... (١٨٢٧)..
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر (٤٨) ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر (٦٤).