ثم قسم الله تعالى المحتضرين إلى ثلاثة أقسام فقال في القسم الأول: ﴿فأمآ إن كان من المقربين فروح وريحان وجنت نعيم﴾ - اللهم اجعلنا منهم - وهم الذين أتوا بالواجبات، وتركوا المحرمات، وأتوا بالمستحبات، وتنزهوا عن المكروهات، أي: أكملوا دينهم، والمقربون هم السابقون، الذين ذكروا في أول السورة، السابقون إلى الخيرات ﴿فروح وريحان وجنت نعيم﴾ اختلف المفسرون - رحمهم الله - في قوله: ﴿فروح﴾، فقيل: فراحة، لأن المؤمن وإن كان يكره الموت لكنه يستريح به، لأنه يبشر عند النزع بروح وريحان، ورب غير غضبان، فيسر ويبتهج ولا يكره الموت حينئذ بل يحب لقاء الله - عز وجل -، وهذا لا شك راحة له من نكد الدنيا ونصبها وهمومها، وقيل: الروح بمعنى الرحمة، كما قال الله تعالى عن يعقوب عليه السلام حين قال لبنيه: ﴿يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تايييسوا من روح الله﴾ أي: من رحمته، وهذا المعنى أعم من الأول، لأن الرحمة أعم من أن تكون راحة، أو راحة مع حصول المقصود، وإذا كان المعنى أعم كان حمل الآية عليه أولى، إذن ﴿فروح﴾ أي: رحمة، ومن الرحمة الراحة ﴿وريحان﴾ قيل: المراد بالريحان كل ما يسر النفس، وليس خاصًّا بالريحان ذي الرائحة الطيبة، بل كل ما فيه راحة النفس ولذتها من مأكول، ومشروب، وملبوس، ومنكوح ومشموم، فهو شامل، وقيل: المراد بالريحان الرائحة الطيبة كالريحان المعروف، والأول: أشمل. فتحمل الآية عليه ﴿وجنت نعيم﴾ أي: جنة


الصفحة التالية
Icon