المحدِثين المحدَثين حتى تتأملها وما فيها من الإيحاءات التي تدل على مفاسد ولو على المدى البعيد، أسأل الله أن يهدينا صراطه المستقيم وأن يتولانا في الدنيا والآخرة، إنه على كل شيء قدير.
﴿لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجةً من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا﴾ أي: لا يكونوا سواء، والمراد بالفتح هنا صلح الحديبية الذي جرى بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبين قريش، وذلك في ذي القعدة من عام ستة من الهجرة، وسمي فتحاً، لأنه صار فيه توسيع للمسلمين وتوسيع أيضاً للمشركين. واختلط الناس بعضهم ببعض، وأمن الناس بعضهم بعض حتى يسر الله - عز وجل - أن نقضت قريش العهد، فكان من بعد ذلك الفتح الأعظم، فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة في رمضان قال الله - عز وجل -: ﴿أولئك أعظم درجةً من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا﴾ وذلك لأن الأولين أنفقوا وقاتلوا وسبقوا إلى الإسلام وكان الإسلام في حاجة لهم ولإنفاقهم، فكانوا أفضل ممن أنفق من بعد وقاتل، والله سبحانه وتعالى يجزي بالعدل بين عباده، ولكن لما كان تفضيل السابقين قد يفهم منه أن لا فضل للاحقين قال: ﴿وكلا وعد الله الحسنى﴾ أي: كل من الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا، والذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، وعدهم الله الحسنى، يعني الجنة، ﴿والله بما تعملون خبير﴾ أي: عليمببواطن أموركم كظواهركم لا يخفى عليه شيء، وإذا كان عالماً بها فسوف يجازي - جل وعلا - كل عامل بما عمل، قال الله تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل


الصفحة التالية
Icon