الجوارح، وكل إنسان يمكن أن يعمل بجوارحه عملاً متقناً كأحسن ما يكون، فقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن الخوارج أنهم يقرءون القرآن، وأنهم يصلون، وأن الواحد من الصحابة يحقر صلاته عند صلاتهم، وقراءته عند قراءتهم، ومع ذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إنهم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم» (١)
نسأل الله العافية، وأنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، وهذا يدل على أن الإسلام يستطيعه كل إنسان يمكن أن يصلي ويسجد ويقرأ ويصوم ويتصدق وقلبه خالٍ من الإيمان، ولهذا قال: ﴿قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم﴾ وهنا التعبير يقول: ﴿لما يدخل﴾ ولم يقل: (ولم يدخل)، قال العلماء: إذا أتت (لما) بدل (لم) كان ذلك دليلاً على قرب وقوع ما دخلت عليه، فمثلاً إذا قلت: (فلان لمّا يدخلها) أي أنه قريب منها، ومنه قوله تعالى: ﴿بل هم في شك من ذكرى بل لما يذوقوا عذاب﴾ أي لم يذوقوه، ولكن قريب منه، وهنا قال: (لما يدخل) أي لم يدخل الإيمان في قلوبهم، ولكنه قريب من الدخول، ﴿وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعملكم شيئاً﴾ إن أطعتم الله ورسوله بالقيام بأمره واجتناب نهيه فإنه لن ينقصكم من أعمالكم شيئاً بل سيوفرها لكم كاملة، كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون﴾. فكل إنسان يجزى على عمله إن خيراً فخير، وإن
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: ﴿وإلى عاد أخاهم هوداً﴾ (رقم ٣٣٤٤) ومسلم، كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم (رقم ١٠٦٤)..


الصفحة التالية
Icon