والسلام: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت».
﴿وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد﴾، السكرة هنا: هي تغطية العقل كالإغماء ونحوه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن للموت سكرات» (١). وقوله: ﴿سكرة الموت﴾ مفرد مضاف، فيشمل الواحدة أو أكثر، وقوله ﴿بالحق﴾ : أي أن الموت حق كما جاء في الحديث: «الموت حق، والجنة حق، والنار حق» (٢) فهي تأتي بالحق، وتأتي أيضاً بحق اليقين، فإن الإنسان عند الموت يشاهد ما تُوُعِّد به، وما وُعِدَ به؛ لأنه إن كان مؤمناً بُشِّر بالجنة، وإن كان كافراً بُشِّر بالنار - أعاذنا الله منها - ﴿ذلك﴾ أي الموت ﴿ما كنت منه تحيد﴾ اختلف المفسرون في (ما) هل هي نافية؟ فيكون المعنى: ذلك الذي لا تحيد منه، ولا تنفك منه، أو أنها موصولة؟ فيكون المعنى ذلك الذي كنت تحيد منه، ولكن لا مفر منه، فعلى الأول يكون معنى الآية، ذلك الذي لا تحيد منه، بل لابد منه، وقد قال الله تعالى: ﴿قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملقيكم﴾.
وتأمل يا أخي: ﴿قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملقيكم﴾ ولم يقل فإنه يدرككم، وما ظنك بشيء تفر منه وهو يلاقيك، إن فرارك منه يعني دنوك منه في الواقع فلو كنت فارًّا من شيء وهو يقابلك فكلما أسرعت في الجري أسرعت في
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب سكرات الموت (٦٥١٠).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب التهجد، باب التهجد بالليل (١١٢٠) ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (٧٦٩).


الصفحة التالية
Icon