للرسول عليه الصلاة والسلام، فناسب أن يغلب فيها جانب الوعيد ﴿ق والقرءان المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر﴾ إلخ.. فكان من الحكمة أن يذكر الوعيد دون الوعد، ومع ذلك فقد ذكر الله تعالى أصحاب الجنة فيما بعد، لأن القرآن مثاني.
﴿وجاءت كل نفس معها سآئق وشهيد﴾ جاءت يعني يوم القيامة كل نفس، أي كل إنسان كل بشر. ويحتمل أن يكون معنى كل نفس من بني الإنسان ومن الجن أيضاً، ممن يلزمون بالشرائع، لأننا إن نظرنا إلى السياق وهو قوله: ﴿ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه﴾ الخ..
قلنا: المراد بالنفس هنا نفس الإنسان، وإذا نظرنا إلى أن الشرائع تلزم الجن كما تلزم الإنس، وأن الجن يحشرون يوم القيامة، ويدخل مؤمنهم الجنة، وكافرهم النار، قلنا: إن هذا عام، فالله أعلم بما أراد، ﴿معها سآئق﴾ يسوقها ﴿وشهيد﴾ يشهد عليها بما عملت، لأن هؤلاء الملائكة - عليهم الصلاة والسلام - قد وكلوا بكتابة أعمال بني آدم من خير وشر، وكما سبق أنهم يكتبون كل شيء: الخير والشر واللغو، لكن لا يحاسب الإنسان إلا على الخير أو الشر، ثم قال تعالى: ﴿لقد كنت في غفلة من هذا﴾ ﴿كنت﴾ الخطاب للإنسان، وفيهاالتفات، والالتفات معناه أن ينتقل الإنسان في أسلوبه من خطاب إلى غيبة، أو من غيبة إلى خطاب، أو من تكلم إلى غيبة، وفائدة ذلك الالتفات أنه يشد ذهن السامع، فبينما الكلام على نسق واحد، إذا به يختلف، انظر إلى قوله تعالى: ﴿ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرءيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيباً﴾ ولم


الصفحة التالية
Icon