قوله تعالى: ﴿ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً﴾. [٤١].
نزلت في الذين اعتذروا بالضَّيْعَة والشغل وانتشار الأمر، فأبى الله تعالى أن يعذرهم دون أن ينفروا، على ما كان منهم.
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر، قال: حدَّثنا إبراهيم بن علي، قال: حدَّثنا يحيى بن يحيى، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن ابن جدعان [وهو علي بن زيد] عن أنس، قال:
قرأ أبو طلحة ﴿ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً﴾ فقال: ما أسمع الله عَذَر أحداً فخرج مجاهداً إلى الشام حتى مات.
وقال السُّدّي: جاء المِقْدَادُ بن الأَسْوَد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عظيماً سميناً، فشكا إليه وسأله أن يأذن له، فنزلت فيه: ﴿ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً﴾.
فلما نزلت هذه الآية اشتد شأنها على الناس؛ فنسخها الله تعالى وأنزل: ﴿لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ﴾ الآية.
ثم أنزل في المتخلفين عن غزوة تبوك من المنافقين قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً﴾ الآية، وقوله تعالى: ﴿لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً﴾ وذلك أن رسول اله صلى الله عليه وسلم لما خرج ضرب عسكره على ثَنيَّةِ الوَدَاع، وضرب عبد الله بن أُبَيّ عَسْكَرَه على ذي جُدَّة أسفلَ من ثَنِيَّةِ الوَدَاع، ولم يكن بأقل العسكرين؛ فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلف عنه عبد الله بن أبيّ فيمن تخلف من المنافقين وأهل الريب. فأنزل الله تعالى يعزّي نبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً﴾ الآية.