و «العبادة» تتضمن فعل كل ما أمر الله به، وترك كل ما نهى الله عنه؛ لأن من لم يكن كذلك فليس بعابد: لو لم يفعل المأمور به لم يكن عابداً حقًّا؛ ولو لم يترك المنهي عنه لم يكن عابداً حقًّا؛ العبد: هو الذي يوافق المعبود في مراده الشرعي؛ فـ «العبادة» تستلزم أن يقوم الإنسان بكل ما أُمر به، وأن يترك كل ما نُهي عنه؛ ولا يمكن أن يكون قيامه هذا بغير معونة الله؛ ولهذا قال تعالى: ﴿وإياك نستعين﴾ أي لا نستعين إلا إياك على العبادة، وغيرها؛ و «الاستعانة» طلب العون؛ والله سبحانه وتعالى يجمع بين العبادة، والاستعانة، أو التوكل في مواطن عدة في القرآن الكريم؛ لأنه لا قيام بالعبادة على الوجه الأكمل إلا بمعونة الله، والتفويض إليه، والتوكل عليه.
الفوائد:
١ ـ من فوائد الآية: إخلاص العبادة لله؛ لقوله تعالى: ﴿إياك نعبد﴾ ؛ ووجه الإخلاص: تقديم المعمول.
٢ ـ ومنها: إخلاص الاستعانة بالله عز وجل، لقوله تعالى: ﴿وإياك نستعين﴾ حيث قدم المفعول.
فإن قال قائل: كيف يقال: إخلاص الاستعانة بالله وقد جاء في قوله تعالى: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى﴾ [المائدة: ٢] إثبات المعونة من غير الله عز وجل، وقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «تعين الرجل في دابته، فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة» (١).
فالجواب: أن الاستعانة نوعان: استعانة تفويض؛ بمعنى أنك تعتمد على الله عز وجل، وتتبرأ من حولك، وقوتك؛ وهذا خاص بالله
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب الجهاد باب: فضل من حمل متاع صاحبه في السفر (٢٨٩١) ومسلم كتاب الزكاة، باب: بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، (٥٦). (١٠٠٩).


الصفحة التالية
Icon