ونحو هذا قال الفراء: هذا على وجه التعجب والتوبيخ، لا على الاستفهام المحض.
أي: وَيْحَكُمْ كيف تكفرون؟ ! وهذا كما يقال: كيف تكفر نعمة فلان وقد أحسن إليك؟ ومعنى الآية: على أي حال يقع منكم الكفر وحالكم أنكم كنتم أمواتا؟ قال ابن عباس، فِي رواية الضحاك، أراد: كنتم ترابا.
ردهم إلى أبيهم آدم، وفي رواية عطاء، والكلبي: وكنتم نطفا.
وكل ما فارق الجسد من نطفة أو شعر فهو موات، وقوله فأحياكم: فِي الأرحام بأن جعل فيكم الحياة، ثم يميتكم فِي الدنيا، ثم يحييكم للبعث، ثم إليه ترجعون فيفعل بكم ما يشاء.
قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: ٢٩] : قال المفسرون: لما استعظم المشركون أمر الإعادة عرفهم الله خلق السموات والأرض ليدلهم بذلك على قدرته على الإعادة، فقوله: لكم أي: لأجلكم، فما فِي الأرض كله مخلوق للآدميين، بعضه للانتفاع وبعضه للاعتبار كالسباع والعقارب والحيات، فإن فِيها عبرة وتخويفا، لأنه إذا رؤي طرف من المتوعد به كان ذلك أبلغ فِي الزجر عن المعصية.
وقوله عز وجل: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ٢٩] : قال الفراء: الاستواء فِي كلام العرب على وجهين: أحدهما: أن يستوي الرجل وينتهي شبابه وقوته، أو يستوي من اعوجاج.
ووجه ثالث: أن نقول: كان فلان مقبلا على فلان ثم استوى علي وإلي يكلمني.
على معنى: أقبل علي وإلي، فهذا معنى قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ٢٩]، وسئل أحمد بن يحيى ثعلب عن الاستواء فِي صفة الله تعالى فقال: الاستواء: الإقبال على الشيء.
قال


الصفحة التالية
Icon