الزجاج: قال قوم فِي قوله تعالى: ثم استوى إلى السماء: أي: عمد وقصد إلى السماء.
كما تقول: فرغ الأمير من بلد كذا، ثم استوى إلى بلد كذا.
معناه: قصد بالاستواء إليه، قال: وقول ابن عباس: استوى إلى السماء.
أي: صعد، معناه: صعد أمره إلى السماء.
وحكى أهل اللغة أن العرب تقول: كان الأمير يدبر أهل الشام ثم استوى إلى أهل الحجاز.
أي: تحول فعله.
وقوله: ﴿فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ﴾ [البقرة: ٢٩] : التسوية: جعل الشيئين أو الأشياء على استواء، يقال: سويت الشيئين فاستويا.
وجمع الكناية فِي فسواهن: لأنه أراد بالسماء: جمع سماءة، أو سماوة على ما ذكرنا.
وجائز أن تعود الكناية إلى أجزاء السماء ونواحيها، فالمعنى: جعلهن سبع سموات مستويات بلا فطور ولا أمت.
وهو بكل شيء عليم إذ بالعلم يصح الفعل المحكم، فأفعاله تدل على علمه.
وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ﴾ [البقرة: ٣٠] الآية، قال أبو عبيدة: إذ ههنا زائدة، معناه: وقال ربك للملائكة.
وأنكر الزجاج وغيره هذا القول وقالوا: إن الحرف إذا أفاد معنى صحيحا لم يجز إلغاؤه.
قالوا: وفي الآية محذوف، معناه: واذكر يا محمد إذ قال ربك للملائكة.
وأكثر المفسرين على أن كل ما ورد فِي القرآن من هذا النحو فالذكر فِيهِ مضمر.
وأما الملائكة فقال سيبويه: واحدها: ملك، وأصلها: ملاك، مهموز، حذف همزه لكثرة الاستعمال، وأنشد:
فلست لإنس ولكن لملأك | تنزل من جو السماء يصوب |