وصار إلى عذابه، وخسر الحور العين.
وقال الزجاج: يعني: خسر عمله، حيث لم يجاز به الجنة والثواب.
﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {٨٦﴾ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴿٨٧﴾ خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ ﴿٨٨﴾ إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿٨٩﴾ } [آل عمران: ٨٦-٨٩] قوله: ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ﴾ [آل عمران: ٨٦] قال ابن عباس: يعني اليهود وقريظة والنضير ومن دان بدينهم، كفروا بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أن كانوا قبل مبعثه مؤمنين به، وكانوا يشهدون له بالنبوة، فلما بعث وجاءهم بالآيات والمعجزات كفروا بغيا وحسدا.
ومعنى ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٨٦] أي: لا يهديهم الله، كما قال ابن الرقيات:

كيف نومي على الفراش ولما تشمل الشام غارة شعواء
أي: لا نوم لي ولا أنام، ومثله قوله: ﴿كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٧] أي: لا يكون لهم عهد.
قال الزجاج: أعلم الله تعالى أنه لا جهة لهدايتهم، لأنهم قد استحقوا أن يضلوا بكفرهم، لأنهم قد كفروا بعد البينات.
وقوله: وجاءهم البينات يجوز أن يريد ما بين لهم في التوراة والإنجيل، وهو قول ابن عباس.
ويجوز أن يريد: ما أتى به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الكتاب والآيات والمعجزات.
وقوله: ﴿وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران: ٨٦] قال ابن عباس: لا يرشد من نقض عهود الله وظلم نفسه.


الصفحة التالية
Icon