أما كفر الإنكار: فهو أن يكفر بقلبه ولسانه، ولا يعرف ما يذكر له من التوحيد، وكفر الجحود: أن يعرف بقلبه ولا يعترف بلسانه ككفر إبليس وكفر أمية بن أبي الصلت، ومنه قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ [البقرة: ٨٩] يعني: كفر الجحود.
وأما كفر المعاندة: فهو أن يعرف بقلبه ويقر بلسانه ولا يقبل ولا يدين به، ككفر أبي طالب حيث يقول:

ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة لوجدتني سمحا بذاك مبينا
وأما كفر النفاق: فأن يقر بلسانه، ويكفر بقلبه.
وقوله تعالى: سواء عليهم أي: معتدل ومتساو عندهم، أأنذرتهم: أأعلمتهم وخوفتهم.
والإنذار: إعلام مع تخويف، فكل منذر معلم، وليس كل معلم منذرا، يقال: أنذرته فنذر.
أي: علم بموضع الخوف.
قال الوالبي، عن ابن عباس فِي هذه الآية: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحرص أن يؤمن به جميع الناس ويتابعوه على الهدى، فأخبره الله تعالى أنه لا يؤمن إلا من سبق له من الله السعادة فِي الذكر الأول، ولا يضل إلا من سبق له من الله تعالى الشقاء فِي الذكر الأول.
ثم ذكر السبب فِي تركهم الإيمان فقال: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [البقرة: ٧] قال الزجاج: معنى «ختم»، «وطبع» فِي اللغة واحد، وهو التغطية على الشيء


الصفحة التالية
Icon