وقوله: ﴿فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ﴾ [البقرة: ١٦] الربح: الزيادة على أصل المال، والتجارة: تقليب الأموال وتصريفها لطلب النماء، يقال: تجر الرجل يتجر تجارة فهو تاجر.
والمعنى: ما ربحوا فِي تجارتهم، وأضاف الربح إلى التجارة لأن الربح يكون فِيها، والعرب تقول: ربح بيعك، وخسر بيعك، وخاب سعيك.
على معنى: ربحت فِي بيعك، فيسندون الربح إلى البيع، وما كانوا مهتدين أي: مصيبين فِي تجارتهم.
ثم ضرب الله مثلًا للمنافين فقال: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ {١٧﴾ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ﴿١٨﴾ } [البقرة: ١٧-١٨] ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ [البقرة: ١٧] : والمثل من الكلام: قول سائر يشبه به حال الثاني بالأول، والأصل فِيهِ: التشبيه، وحقيقته: ما جعل كالعلم للتشبيه بحال الأول، مثال ذلك قول كعب بن زهير:
كانت مواعيد عرقوب لنا مثلًا | وما مواعيده إلا الأباطيل |
واستوقد بمعنى: أوقد.
وأضاء: يكون لازمًا ومتعديًا، يقال: أضاء الشيء بنفسه وأضاءه غيره، وأضاءت النار، وأضاءها غيرها، والذي فِي هذه الآية متعد.
وما فِي قوله: ما حوله: منصوب بوقوع الإضاءة عليه، وحوله نصب على الظرف، يقال: هم حوله وحوليه وحواله وحواليه.
قال ابن عباس، وقتادة، والضحاك، ومقاتل، والسدي: يقول: مَثَلُ هؤلاء المنافقين كمثل رجل أوقد نارا فِي