وقوله: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤] هذا جواب لليهود، ورد لما افتروه، وإبطال لما بهتوا فيه، أُجيبوا على قدر كلامهم لما قالوا: ﴿يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ [المائدة: ٦٤] يريدون به: تبخيل الله، فقيل: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤] أي: هو جواد، ﴿يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ٦٤]، ومعنى التثنية في يداه: المبالغة في الجود والإنعام.
ومذهب قوم إلى أن معنى اليد في هذه الآية: النعمة، فقالوا في قوله: ﴿يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ [المائدة: ٦٤] نعمة الله مقبوضة، وفي قوله: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤] نعمتاه.
أي: نعمة الدنيا والآخرة، ﴿يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ٦٤] يرزق كما يريد، إن شاء قتر وإن شاء وسع.
وقوله: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ [المائدة: ٦٤] أي: كلما أنزل عليك شيء من القرآن كفروا به فيزيد كفرهم، ﴿وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [المائدة: ٦٤] أي: بين اليهود والنصارى، عن الحسن، ومجاهد، وقيل: أراد: طوائف اليهود، وهو اختيار الزجاج، قال: جعلهم الله مختلفين في دينهم متباغضين، وهو أحد الأسباب التي أذهب الله بها جدهم وشوكتهم.
﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ﴾ [المائدة: ٦٤] قال ابن عباس: كلما أرادوا محاربتك ردهم الله تعالى، وألزمهم الخوف منك ومن أصحابك.
وهذا قول الحسن.
وقال قتادة: هذا عام في كل حرب طلبتها اليهود، فلا تلقى اليهود ببلدة إلا وجدتهم من أذل الناس.
وقوله: ﴿وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا﴾ [المائدة: ٦٤] قال الزجاج: أي يجتهدون في دفع الإسلام ومحو ذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من كتبهم.


الصفحة التالية
Icon