قوله: ﴿مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٥٢] أي: من حساب رزقهم من شيء فتملهم وتطردهم، ﴿وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٥٢] أي: ليس رزقك عليهم ولا رزقهم عليك، وإنما يرزقك وإياهم الله، فدعهم يدنوا منك، ولا تطردهم ﴿فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام: ٥٢].
قال الأنباري: عظم الأمر في هذا على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخوف بالدخول في جملة الظالمين، لأنه كان قد هم بتقديم الرؤساء وأولي الأموال على الضعفاء وذوي المسكنة، فأعلمه الله أن ذلك غير جائز.
قوله: ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ﴾ [الأنعام: ٥٣] أي: كما ابتلينا قبلك الغني بالفقير، ابتلينا أيضا هؤلاء بعضهم ببعض، كما قال: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً﴾ [الفرقان: ٢٠].
قال الكلبي: ابتلى هؤلاء الرؤساء من قريش بالموالي، فإذا نظر الشريف إلى الوضيع قد آمن قبله أنف أن يسلم ويقول: سبقني هذا بالإسلام فلا يسلم، وهو قوله: ﴿لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا﴾ [الأنعام: ٥٣] يريدون الفقراء والضعفاء.
والاستفهام ههنا معناه الإنكار، كأنهم أنكروا أن يكونوا سبقوهم بفضيلة أو خصوا بمنة، فقال الله تعالى ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾ [الأنعام: ٥٣] أي: بالذين يشكرون نعمته إذا من عليهم بالهداية، أي: إنما يهدي الله إلى دينه من يعلم أنه يشكر نعمته.
والاستفهام في قوله: أليس الله: معناه التقرير، أي: أنه كذلك.
قوله: ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا﴾ [الأنعام: ٥٤] الآية.
قال الحسن، وعكرمة: نزلت في الذين سأل المشركون طردهم، فكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رآهم بدأهم بالسلام، ويقول: «الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرني أن أبدأهم بالسلام».
وهو قوله: ﴿فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ [الأنعام: ٥٤] قال ابن عباس: قضى لكم ربكم على نفسه الرحمة.


الصفحة التالية
Icon