لوط.
﴿وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا﴾ [الأعراف: ٨٧] أي: إن اختلفتم في رسالتي فصرتم فريقين: مكذبين، ومصدقين ﴿فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا﴾ [الأعراف: ٨٧] أي: بتعذيب المكذبين وانجاء المصدقين.
﴿وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ [الأعراف: ٨٧] لأنه الحكم العدل الذي لا يجور فكان من جواب قومه أن ﴿قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ﴾ [الأعراف: ٨٨] عن عبادة الله وتوحيده: ﴿لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا﴾ [الأعراف: ٨٨] ولا نقاركم على مخالفتنا، فقال شعيب: ﴿أَوَ لَوْ كُنَّا كَارِهِينَ﴾ [الأعراف: ٨٨] يعني: أوتجبروننا على ملتكم وإن كرهنا ذلك؟ ﴿قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ﴾ [الأعراف: ٨٩] وذلك أنهم كانوا يدعون أن الله أمرهم بما كانوا عليه من الكفر، فقال شعيب: ﴿بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا﴾ [الأعراف: ٨٩] أي: من ملتكم إن عدنا فيها كنا مفترين على الله، ﴿وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا﴾ [الأعراف: ٨٩] أي: ما كنا لنرجع في ملتكم بعد إذ وقفنا على أنها ضلالة إلا أن يريد الله إهلاكنا، فإن الله يسعد من يشاء بالطاعة، ويشقي من يشاء بالمعصية، قال الزجاج: المعنى: وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يكون قد سبق في علم الله ومشيئته أن نعود فيها، وتصديق ذلك قوله: ﴿وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الأعراف: ٨٩] قال ابن عباس: يعلم ما يكون قبل أن يكون.
﴿عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا﴾ [الأعراف: ٨٩] في كل أمورنا، ﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ﴾ [الأعراف: ٨٩] قال ابن عباس، والحسن، وقتادة، والسدي: احكم واقض.
وقال الفراء: وأهل عمان يسمون القاضي: الفاتح لأنه يفتح مواضع الحق.
وقال الزجاج: المعنى: أظهر أمرنا، حتى ينفتح ما بيننا وبين قومنا وينكشف بأن تنزل بهم من العذاب والهلكة ما يظهر أن الحق معنا.
وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا﴾ [الأعراف: ٩٢] أي: كأن لم يقيموا في دارهم ولم يكونوا هناك بعد الإهلاك، يقال: غني القوم في مكانهم.
إذا أقاموا به، والمغنى المنزل.
وقوله: ﴿فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ [الأعراف: ٩٣] أي: كيف يشتد حزني عليهم إذا أهلكهم الله؟ يقال: آسيت على الشيء آسى أسى.
إذا اشتد حزنك عليه، وهذا استفهام معناه الإنكار، أي: لا آسى عليهم.
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ {٩٤﴾ ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ﴿٩٥﴾ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿٩٦﴾ }


الصفحة التالية
Icon