عَظِيمٍ ﴿١١٦﴾ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴿١١٧﴾ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿١١٨﴾ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ ﴿١١٩﴾ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ﴿١٢٠﴾ قَالُوا آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٢١﴾ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴿١٢٢﴾ قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿١٢٣﴾ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿١٢٤﴾ قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ ﴿١٢٥﴾ وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴿١٢٦﴾ } [الأعراف: ١١٣-١٢٦] ﴿وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا﴾ [الأعراف: ١١٣] مالا تعطينا ﴿إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ﴾ [الأعراف: ١١٣] لموسى، قال نعم أجابهم فرعون إلى ما سألوا من المال على الغلبة، كأنه قال: نعم لكم ذلك.
﴿وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ [الأعراف: ١١٤] عندي في المنزلة.
قال الزجاج: أي: ولكم مع الأجر المنزلة الرفيعة عندي، فقالت السحرة لموسى: ﴿إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ﴾ [الأعراف: ١١٥] عصاك، ﴿وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ﴾ [الأعراف: ١١٥] ما معنا من الحبال والعصي، قال لهم موسى: ألقوا ما أنتم ملقون، ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ﴾ [الأعراف: ١١٦] قلبوها عن صحة إدراكها بما موهوا من تلطف الحيلة، حتى رأوا الحبال حيات، واسترهبوهم قال المبرد: أرهبوهم والسين زائدة.
وقال المؤرج: أفزعوهم.
وقال الزجاج: استدعوا رهبة الناس.
﴿وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ [الأعراف: ١١٦] وذلك أنهم ألقوا حبالا غلاظا، فإذا هي حيات قد ملأت الوادي، يركب بعضها بعضا، فأوحى الله تعالى إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقّف: تبتلع وتلقم، وقرأ حفص تلقف مخففا، يقال: لقفت الشيء ألقفه لقفا.
إذا أخذته فأكلته وابتلعته، ومثله: تلقفته والتقفته.
قال المفسرون: لما ألقى موسى العصا صارت حية عظيمة حتى سدت الأفق ثم فتحت فاها ثمانين ذراعا وابتلعت ما ألقوا من حبالهم وعصيهم، وهو قوله: ما يأفكون يأتون بالإفك وهو الكذب، وذلك أنهم زعموا أن حبالهم حيات وكذبوا في ذلك، إنما كانوا جعلوا فيها الزئبق وصوروها بصور الحيات فاضطرب الزئبق، لأنه لا يستقر، قوله فوقع الحق قال الحسن، ومجاهد: ظهر.
وقال الفراء: فتبين الحق من السحر.
وذلك أن السحرة قالوا: لو كان ما صنع موسى سحرا لبقيت حبالنا وعصينا ولم تفقد، فلما فقدت علموا أن ذلك من أمر الله تعالى، فذلك قوله: ﴿وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: ١١٨] أي: زال وذهب بأن فقد ما عملوا به السحر من الحبال والعصي، فغلبوا هنالك أي: غلب فرعون وقومه عند ذلك الجمع، وانقلبوا، وانصرفوا من ذلك الموضع صاغرين ذليلين، ﴿وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٠] قال ابن عباس: خروا لله سامعين مطيعين.
﴿قَالُوا آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: ١٢١] قال فرعون: إياي تعنون؟ قالوا: لا، {رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴿١٢٢﴾ قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} [الأعراف: ١٢٢-١٢٣] أصدقتم موسى من قبل أمري إياكم؟ ﴿إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ﴾ [الأعراف: ١٢٣] قال الكلبي: