قال: ﴿فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ﴾ [يونس: ٧٤] الآية، وقوله: ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾ [يونس: ١٣] أي: نعاقب ونهلك المكذبين بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما فعلنا بمن قبلهم، ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ [يونس: ١٤] قال ابن عباس: يريد أهل مكة، والمعنى: استخلفكم في الأرض من بعد القرون الماضية، ﴿لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ [يونس: ١٤] قال ابن عباس: لنختبركم ونختبر أعمالكم.
وقال قتادة: ما جعلنا الله خلائف إلا لينظر إلى أعمالنا، فأروا الله من أعمالكم خيرا بالليل والنهار.
﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْءَانٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ {١٥﴾ قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ﴿١٦﴾ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ﴿١٧﴾ } [يونس: ١٥-١٧] قوله: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ [يونس: ١٥] أي: على مشركي مكة، آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ يعني: القرآن، ﴿قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا﴾ [يونس: ١٥] لا يخافون البعث، ﴿ائْتِ بِقُرْءَانٍ غَيْرِ هَذَا﴾ [يونس: ١٥] أي: بقرآن ليس فيه عيب آلهتنا، وذكر البعث والنشور، أَوْ بَدِّلْهُ أي: تكلم به من ذات نفسك، فبدِّل منه ما نكره، ﴿قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي﴾ [يونس: ١٥] ما ينبغي لي أن أبدله غيره من قبل نفسي، قال الزجاج: أي: الذي أتيت به من عند الله لا من عند نفسي فأبدله.
وهو قوله: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ [يونس: ١٥] قال ابن عباس: يريد: ما أخبركم إلا ما أخبرني الله به، وقوله: ﴿قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ﴾ [يونس: ١٦] قال ابن عباس: يقول: لو شاء الله ما قرأت عليكم القرآن.
﴿وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ﴾ [يونس: ١٦] ولا أعلمكم الله بالقرآن وأدراني الله به، والمعنى: لو شاء الله ألا ينزل القرآن ما أعلمكم به ولا أمرني بتلاوته عليكم، ﴿فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ﴾ [يونس: ١٦] قال ابن عباس: أقمت فيكم أربعين سنة لا أحدثكم بشيء من القرآن ولا آتيكم به، أَفَلا تَعْقِلُونَ أنه ليس من قِبَلِي.
قوله: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ [الأعراف: ٣٧] أي: لا أحد أظلم ممن يظلم ظلم الكفر فيزعم أن لله ولدا وشريكا، قال ابن عباس: يريد: أني لم أفتر على الله ولم أكذب عليه، وأنتم فعلتم ذلك حيث زعمتم أن معه شريكا وعبدتم الأوثان وكذبتم نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما جاء به من عند الله تعالى.
﴿إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [يونس: ١٧] لا يسعد من كذب أنبياء الله.
﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {١٨﴾ وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ