يَخْتَلِفُونَ ﴿١٩﴾ وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ﴿٢٠﴾ } [يونس: ١٨-٢٠] ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ﴾ [يونس: ١٨] إن لم يعبدوه، وَلا يَنْفَعُهُمْ إن عبدوه، ﴿وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨] قال الحسن: شفعاء في إصلاح معاشهم في الدنيا، لأنهم لا يقرون بالبعث.
﴿قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ﴾ [يونس: ١٨] قال الضحاك: أتخبرون الله أن له شريكا ولا يعلم الله لنفسه شريكا في السموات ولا في الأرض.
والمعنى: أتخبرون الله بالكذب فيما يعلم أنه ليس بموجود؟ ثم نزه نفسه عما افتروه فقال: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [يونس: ١٨].
قوله: ﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلا أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [يونس: ١٩] أي: مجمعة على دين واحد يعني: من لدن إبراهيم عليه السلام إلى أن غير الدين عمرو بن لحي، فَاخْتَلَفُوا.
قاله ابن عباس في رواية عطاء، وقال في رواية الكلبي: يعني: أمة كافرة على عهد إبراهيم، فاختلفوا فآمن بعضهم وكفر بعضهم.
وقال مجاهد، والسدي: كانوا على ملة الإسلام إلى أن قتل أحد ابني آدم أخاه، وقوله: ﴿وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ﴾ [يونس: ١٩] بتأخير هذه الأمة، وأنه لا يهلكهم بالعذاب كما أهلك الذين من قبلهم، لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بنزول العذاب، وتعجيل العقوبة للمكذبين، فكان ذلك فصلا بينهم فيما فيه يختلفون، قوله: وَيَقُولُونَ يعني: أهل مكة: ﴿لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ [يونس: ٢٠] مثل العصا واليد، ﴿فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ﴾ [يونس: ٢٠] يعني أن قولكم: هلا أنزل عليه آية غيب، ولا يعلم الغيب إلا الله، فَانْتَظِرُوا نزول الآية، ﴿إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾ [يونس: ٢٠] لنزولها، قوله: ﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ {٢١﴾ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴿٢٢﴾ فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٢٣﴾ } [يونس: ٢١-٢٣] ﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً﴾ [يونس: ٢١] يعني مطرا وخصبا وغنى، ﴿مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ﴾ [يونس: ٢١] من بعد قحط وبؤس وفقر، ﴿إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا﴾ [يونس: ٢١] سعي في دفع القرآن والتكذيب به، أي: إذا أخصبوا بطروا فكذبوا بالقرآن، ﴿قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا﴾ [يونس: ٢١] أي: أن ما يأتيهم من العذاب أسرع في إهلاكهم مما أتوه من المكر في إبطال القرآن، قال مقاتل: فقتلهم الله يوم بدر وجازى