حَصِيدًا محصودا لا شيء فيها، والحصيد: المقطوع المستأصل، ﴿كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ﴾ [يونس: ٢٤] خلت كأن لم تكن أمس، ولم تقم على الصفة التي كانت فيما قبل، من قولهم: غني القوم بالمكان.
إذا أقاموا به، والمراد: الغلة التي أخرجتها الأرض، وما سبق من الكلام يدل على الغلة، وقال الزجاج: كأن لم تعمر بالأمس.
قال: والمغاني: المنازل التي يعمرها أهلها بالنزول بها.
ونحو هذا قال ابن قتيبة: كأن لم تكن عامرة بالأمس.
وعلى هذا المراد به الأرض وتأويل الآية: أن الحياة في الدنيا سبب لاجتماع المال وزهرة الدنيا مما يروق ويعجب حتى إذا استتم ذلك وكثر عند صاحبه وظن أنه ممتع به، سلب ذلك بموته أو بحادثة تهلكه كما أن الماء سبب لالتفاف النبات، وكثرته حتى تتزين به الأرض وتظهر بهجتها، وظن الناس أنهم مستمتعون بذلك أهلكها الله وردها إلى الفناء حتى كأن لم تكن، قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ﴾ [يونس: ٢٥] أي: يبعث الرسول، ونصب الأدلة يدعو إلى الجنة، ذكرنا ذلك عند قوله: ﴿لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [الأنعام: ١٢٧]، وقوله: ﴿وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [يونس: ٢٥] عم بالدعوة وخص بالهداية من شاء، لأن الحكم له في خلقه يفعل ما يشاء.
٤٣٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَبْدَانَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُعَيْمٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنِي طَاهِرُ بْنُ يَحْيَى الْبَيْهَقِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَتَلا هَذِهِ الآيَةَ ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [يونس: ٢٥] فَقَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: " إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ جِبْرِيلَ عِنْدَ رَأْسِي وَمِيكَائِيلَ عِنْدَ رِجْلِي يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اضْرِبْ لَهُ مَثَلا، فَقَالَ: اسْمَعْ سَمِعَتْ أُذُنُكَ وَاعْقِلْ عَقَلَ قَلْبُكَ، وَإِنَّمَا مَثَلُكَ وَمَثَلُ أُمَّتِكَ كَمَثَلِ مَلِكٍ اتَّخَذَ دَارًا، ثُمَّ جَعَلَ فِيهِ مَأْدُبَةً ثُمَّ بَعَثَ رَسُولا يَدْعُو النَّاسَ إِلَى طَعَامِهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ الرَّسُولَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ فَاللَّهُ هُوَ الْمَلِكُ، وَالدَّارُ الإِسْلَامُ، وَالْبَيْتُ الْجَنَّةُ، وَأَنْتَ يَا مُحَمَّدُ الرَّسُولُ فَمَنْ أَجَابَكَ دَخَلَ الإِسْلامَ، وَمَنْ دَخَلَ الإِسْلامَ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ أَكَلَ مِنْهَا "
﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {٢٦﴾ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٢٧﴾ } [يونس: ٢٦-٢٧] قوله: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى﴾ [يونس: ٢٦] قال ابن عباس: للذين قالوا لا إله إلا الله الجنة.
وَزِيَادَةٌ وهي النظر إلى