كالأعمى من بغضه لك، وكراهية ما يراه من آياتك.
قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا﴾ [يونس: ٤٤] لما ذكر الله تعالى في الآيتين السابقتين فريقين ووصفهما بالشقوة، ينظرون، ولا يسمعون ولا يعقلون ولا يؤمنون، وذلك للقضاء السابق عليهم، أخبر في هذه الآية أن تقدير الشقوة عليهم ما كان ظلما منه لأنه يتصرف في ملكة كيف يشاء وهم إذا كسبوا المعاصي فقد ظلموا أنفسهم، وهو قوله: ﴿وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [يونس: ٤٤] وذلك أن الفعل منسوب إليهم، وإن كان القضاء من الله سبحانه، ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ﴾ [يونس: ٤٥] قال ابن عباس: كأن لم يلبثوا في قبورهم إلا قدر ساعة من النهار.
وقال الضحاك: قصر عندهم مقدار الوقت الذي بين موتهم وبعثهم فصار كالساعة من النهار، لهول ما استقبلوا من أمر البعث والقيامة.
يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ بتوبيخ بعضهم بعضا، يقول كل فريق للآخر: أنت أضللتني يوم كذا، وأنت كسبتني دخل النار بما علمتني وزينته لي.
﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ﴾ [يونس: ٤٥] خسر ثواب الجنة الذين كذبوا بالبعث.
﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ {٤٦﴾ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ﴿٤٧﴾ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿٤٨﴾ قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعًا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ﴿٤٩﴾ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ ﴿٥٠﴾ أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ الآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴿٥١﴾ ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴿٥٢﴾ } قوله: ﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ﴾ [يونس: ٤٦] قال المفسرون: كانت وقعة بدر ما أراه الله حال حياته مما وعد المشركين من العذاب.
أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قبل أن نريك، فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ بعد الموت فنجزيهم بأعمالهم، قال الزجاج: أعلم الله أنه إن لم ينتقم منهم في العاجل ينتقم منهم في الآجل.
وقوله: ﴿ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ﴾ [يونس: ٤٦] أي: من محاربتك وتكذيبك.
قوله: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ﴾ [يونس: ٤٧] قال ابن الأنباري: رسول يرسله الله إليهم سفيرا بينه وبينهم مبشرا ومنذرا.
فإذا جاءهم الرسول في الدنيا، ﴿قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ﴾ [يونس: ٤٧] حكم عليهم عند اتباع المؤمنين وعناد الكافرين بالمعصية والطاعة، والضلالة والهدى، ﴿وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ [يونس: ٤٧] قال عطاء: لا ينقص الذين صدقوا من ثوابهم، ولا يزاد الذين كذبوا من مساوئ أعمالهم.
ولما أخبرهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: ﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ﴾ [يونس: ٤٦] قالوا: متى هذا العذاب الذي تعدنا؟ وهو قوله: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [يونس: ٤٨] أنت واتباعك؟ ﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي﴾ [يونس: ٤٩] هذه الآية إلى آخرها مفسرة في آيتين من ﴿ [الأعراف.
قوله:] قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا﴾ [سورة يونس: ٥٠] قال الزجاج: البيات كل ما كان بليل.
يقول: أعلمتم