آمَنُوا} [يونس: ٢]، وبشر المؤمنين، وأبشروا بالجنة.
وهذا اختيار الفراء، والزجاج قالا: ويدل على صحة هذا قوله: ﴿لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾ [يونس: ٦٤].
قال ابن عباس: لا خلف لمواعيده، وذلك أن مواعيده بكلماته، فإذا لم تبدل كلماته لم تبدل مواعيده.
قوله تعالى: ﴿وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ﴾ [يونس: ٦٥] ولا يحزنك إنكارهم وتكذيبهم وتظاهرهم عليك في العداوة، وتم الكلام ثم ابتدأ فقال: ﴿إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ [يونس: ٦٥] أي: الغلبة له، وهو ناصرك وناصر دينك، والمعنى: أنه الذي يعزك حتى تصير أعز ممن ناوأك، ﴿هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [يونس: ٦٥] يسمع قولهم، ويعلم ضميرهم فيجازيهم بما يقتضيه حالهم، ﴿أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ﴾ [يونس: ٦٦] أي: إنه يفعل بهم وفيهم ما يشاء، ﴿وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ﴾ [يونس: ٦٦] أي: ما يتبعون شركاء على الحقيقة لأنهم يعدونها شركاء لله، شفعاء لهم، وليست على ما يظنون، ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ﴾ [يونس: ٦٦] يعني: ظنهم أنها تشفع لهم يوم القيامة، ﴿وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ﴾ [يونس: ٦٦] ما هم إلا كاذبون فيما يزعمون.
قوله: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ﴾ [يونس: ٦٧] أي: ليزول التعب والكلال بالسكون فيه، وَجعل النَّهَارَ مُبْصِرًا، مضيئا لتهتدوا به في حوائجكم، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ [يونس: ٦٧] الذي فعل، ﴿لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ [يونس: ٦٧] سماع اعتبار أنه مما لا يقدر عليه إلا عالم قادر.
﴿قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ {٦٨﴾ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ ﴿٦٩﴾ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴿٧٠﴾ } [يونس: ٦٨-٧٠] ﴿قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا﴾ [يونس: ٦٨] يعني: زعم المشركون أن الملائكة بنات الله، سُبْحَانَهُ تنزيها له عما قالوا، هُوَ الْغَنِيُّ أن تكون له زوجة وولد، ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ [يونس: ٦٨] عبيدا أو ملكا، ﴿إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا﴾ [يونس: ٦٨] ما عندكم من حجة بما تقولون، ثم أنكر عليهم ذلك، فقال: ﴿أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ {٦٨﴾ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} [يونس: ٦٨-٦٩] لا يسعدون في العاقبة وإن اغتروا بطول السلامة، ﴿مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا﴾ [يونس: ٧٠] أي: لهم متاع في الدنيا يتمتعون به أياما يسيرة، ﴿ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ﴾ [يونس: ٧٠] في الآخرة، ﴿ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ﴾ [يونس: ٧٠] الغليظ الذي لا ينقطع، ﴿بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾ [يونس: ٧٠].
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ {٧١﴾ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٧٢﴾ فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ ﴿٧٣﴾


الصفحة التالية
Icon