﴿أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {٥﴾ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴿٦﴾ } [هود: ٥-٦] قوله: ﴿أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ [هود: ٥] يقال: ثنيت الشيء ثنيا إذا عطفته وطويته، وكان طائفة من المشركين يقولون: إذا أغلقنا أبوابنا، وأرخينا ستورنا، واستغشينا ثيابنا، وثنينا صدورنا على عداوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف يعلم به؟ فأخبر الله عز وجل عما كتموه.
ومعنى يثنون صدورهم: يطوونها على عداوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال قتادة: كذلك أخفى ما يكون من ابن آدم إذا حنا ظهره، واستغشى ثيابه، وأضمر همه في نفسه.
قوله: لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أي: ليتواروا عنه ويكتموا عداوته، فقال الله تعالى: ﴿أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ [هود: ٥] قال ابن الأنباري: أعلم الله أن سرائرهم يعلمها كما يعلم مظهراتهم.
﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [هود: ٥] قال ابن عباس: يريد: بما في النفوس.
والمعنى: تحقيقه ما في القلوب من المضمرات.
قوله: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ﴾ [هود: ٦] الآية، يعني: ما من حيوان يدب، قال الزجاج: الدابة: اسم لكل حيوان مميز وغيره، بني على هاء التأنيث، وأطلق على كل حيوان ذي روح ذكرا كان أو أنثى.
قوله: ﴿إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: ٦] قال المفسرون: فضلا لا وجوبا والله تكفل بذلك بفضله.
٤٤٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمِهْرَجَانِيُّ، أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، أنا أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ بِنْتِ ابْنِ مَنِيعٍ، نا أَبُو خَيْثَمَةَ، نا وَكِيعٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: نا الأَعْمَشُ، عَنْ سَلامِ بْنِ سَلامِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ حَبَّةَ، وَسَوَاءً ابْنَيْ خَالِدٍ يَقُولانِ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَعْمَلُ عَمَلا يَبْنِي بِنَاءً، فَأَعَنَّاهُ عَلَيْهِ فَلَمَّا فَرَغَ دَعَا لَنَا وَقَالَ: «لا تَيْأَسَا مِنَ الرِّزْقِ مَهْمَا تَهَزْهَزَتْ رُءُوسُكُمَا، فَإِنَّ الإِنْسَانَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ أَحْمَرَ لَيْسَ عَلَيْهِ قِشْرَةٌ ثُمَّ يُعْطِيهِ اللَّهُ وَيَرْزُقُهُ»
وقال أهل المعاني: على ههنا بمعنى من، المعنى من الله رزقها، ويدل على صحة هذا قول مجاهد: ما


الصفحة التالية
Icon