جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعا.
قوله: وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا حين تأوي إليه وَمُسْتَوْدَعَهَا حيث تموت.
وهو قول ابن عباس.
وقال قتادة، ومجاهد: أما مستقرها ففي الرحم، وأما مستودعها ففي الصلب.
كُلٌّ ذلك عند الله ﴿فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [هود: ٦] يعني: اللوح المحفوظ، والمعنى: أن ذلك ثابت في علم الله.
﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [هود: ٧] قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ [هود: ٧] تقدم تفسيره، وقوله: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾ [هود: ٧] يعني: قبل أن يخلق السماء والأرض، قيل لابن عباس: على أي شيء كان الماء؟ قال: على متن الريح.
وفي وقوف العرش على الماء، والماء على غير قرار أعظم الاعتبار لأهل الإنكار، وقوله: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا﴾ [هود: ٧] قال ابن عباس: أيكم أعمل بطاعة الله.
قال ابن الأنباري: معناه ليختبركم.
فيعلم وقوع الفعل منكم الذي به تستحقون الثواب والعقاب، فيثيب المطيع المعتبر بما يرى من آيات السموات والأرض، ويعاقب أهل العناد، قوله: ﴿وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ﴾ [هود: ٧] بعد ان شاهدوا خلق السموات والأرض ﴿لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [هود: ٧] قال الزجاج: السحر باطل عندهم فكأنهم قالوا: إن هذا إلا باطل مبين.
يعني: هذا القول الذي يقول لنا: أنا نبعث بعد الموت، قوله: ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [هود: ٨] ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ﴾ [هود: ٨] يعني: عن المشركين ﴿إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ﴾ [هود: ٨] قال ابن عباس، ومجاهد: إلى أجل وحين معلوم.
والأمّة ههنا المدة من أوقات الزمان ﴿لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ﴾ [هود: ٨] أي: ما يحبس العذاب عنا؟ يقولون ذلك تكذيبا واستهزاء، قال الله تعالى: ﴿أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ﴾ [هود: ٨] يقول: إذا أخذتهم سيوف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه لم تغمد عنهم، حتى يباد أهل الكفر، وتعلو كلمة الإخلاص وَحَاقَ ونزل وأحاط ﴿بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [هود: ٨] وهو العذاب.