أضللته بشر دعوته إليه وحسنته له.
ودلت هذه الآية على أن الإغواء بإرادة الله، وذكر نوح دليل المسألة فقال: هُوَ رَبُّكُمْ قال ابن عباس: هو إلهكم وسيدكم وخالقكم.
وتأويله: إنه إنما يتصرف في ملكه فله التصرف كيف يشاء، قوله: أَمْ يَقُولُونَ أي: بل يقولون يعني قوم نوح: افْتَرَاهُ اختلق الوحي وأتى به من عند نفسه ﴿قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي﴾ [هود: ٣٥] أي: إثم إجرامي وعقوبة إجرامي، فحذف المضاف، والإجرام، معناه: اكتساب السيئة، يقال: أجرم فهو مجرم.
﴿وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ﴾ [هود: ٣٥] من الكفر والتكذيب.
﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ {٣٦﴾ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ﴿٣٧﴾ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ ﴿٣٨﴾ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴿٣٩﴾ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلا قَلِيلٌ ﴿٤٠﴾ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿٤١﴾ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ﴿٤٢﴾ قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ﴿٤٣﴾ } [هود: ٣٦-٤٣] قوله تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ﴾ [هود: ٣٦] قال المفسرون: لما جاء هذا دعا على قومه، فقال: ﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: ٢٦]، وقوله: فَلا تَبْتَئِسْ قال الفراء، والزجاج: لا تحزن.
وقال ابن عباس: لا تغتم.
يقال: ابتأس الرجل إذا بلغه شيء يكره، فحزن له، قوله: ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ [هود: ٣٧] قال ابن عباس: بمرأى منا.
وقال الضحاك: بمنظر منا.
وقال الربيع: بحفظنا.
والتأويل: بحفظنا إياك حفظ من يراك ويملك دفع السوء عنك، ﴿وَوَحْيِنَا﴾ [هود: ٣٧] قال ابن عباس: وذلك انه لم يعلم كيف صنعة الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر، ويجوز أن يكون


الصفحة التالية
Icon