خمس سنين.
وقال عكرمة: سبع سنين.
وقال مقاتل: حبس يوسف اثنتي عشرة سنة.
قال السدي: ثم إن الملك غضب على خباز بلغه أنه يريد أن يسمه، وأن صاحب شرابه مالأه على ذلك فحبسهما جميعا، وذلك قوله: ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ﴾ [يوسف: ٣٦] وكان يوسف لما دخل السجن قال لأهله: إني أعبر الأحلام.
فقال أحد الفتيين: هلم نجرب هذا العبد العبراني نتراءى له شيئا فسألا من غير أن يكونا رأيا شيئا، فذلك قوله: ﴿قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ [يوسف: ٣٦] قال له الساقي: إني رأيت أصل حبلة عليها ثلاثة عناقيد من عنب فجنيتها وعصرتها، ومعنى أعصر خمرا: أعصر عنب خمر، أي: العنب الذي يكون عصيره خمرا، فحذف المضاف، وقال الزجاج، وابن الأنباري: العرب تسمي الشيء باسم ما يئول إليه الشيء إذا انكشف المعنى ولم يلتبس، يقولون: فلان يطبخ الأُجُرَّ ويطبخ الدبس وإنما يطبخ اللبِن والعصير.
وقوم يقولون: إن بعض العرب يسمون العنب خمرا، حكى الأصمعي، عن المعتمر أنه لقي أعرابيا معه عنب، قال: ما معك؟ فقال: خمر.
وقال صاحب الطعام: رأيت كأن فوق رأسي ثلاث سلال فيها الخبز وألوان الأطعمة وسباع الطير تنهش منه، فذلك قوله: ﴿وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ [يوسف: ٣٦] أخبرنا بتفسيره ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٣٦] تؤثر الإحسان، وتأتي الأفعال الجميلة، قال سلمة بن نبيط: كنت بخراسان جالسا عند الضحاك فسأله رجل عن قوله: ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٣٦] ما كان إحسان يوسف؟ قال: كان إذا ضاق على رجل مكانه وسع عليه، وإن احتاج جمع له، وإن مرض قام عليه.
وقال الفراء: من المحسنين العالمين.
ونحو هذا قال الزجاج: ممن يحسن التأويل.
ثم ذكر لهما يوسف ما يدل على أنه عالم بتفسير الرؤيا فقال: ﴿لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ﴾ [يوسف: ٣٧] في منامكما ﴿إِلا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ [يوسف: ٣٧] في اليقظة ﴿قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا﴾ [يوسف: ٣٧] التأويل ذَلِكُمَا التأويل ﴿مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾ [يوسف: ٣٧] أي: لست أقوله على جهة التكهن والتنجم، وإنما أخبركما بوحي من الله وعلم، ثم أخبر أنه تارك ملة الكفر فقال: ﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [يوسف: ٣٧] الآية ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ﴾ [يوسف: ٣٨] إلى قوله: ﴿مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [يوسف: ٣٨] قال ابن عباس: يريد: أن الله عصمنا من أن نشرك به.
﴿ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا﴾ [يوسف: ٣٨] أي: اتباعنا الإيمان بتوفيق الله لنا وبفضله علينا وَعَلَى النَّاسِ يعني المؤمنين ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ﴾ [يوسف: ٣٨] الله على نعمته فيوحدونه، ثم دعاهما إلى الإسلام فقال: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ﴾ [يوسف: ٣٩] يعني: الأصنام من صغير وكبير خَيْرٌ أعظم في صفة المدح ﴿أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [يوسف: ٣٩] يعني: أنه أحق بالإلهية من الأصنام، ثم خاطبهم ومن على مثل حالهم في الكفر فقال: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ﴾ [يوسف: ٤٠] من دون الله ﴿إِلا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَآؤُكُمْ﴾ [يوسف: ٤٠] يعني: الأرباب والآلهة ولا تصح معانيها للأصنام فكأنها أسماء فارغة، وكأنهم يعبدون الأسماء لأنها لا معاني تصح لها ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾ [يوسف: ٤٠] من حجة بعبادتها ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ﴾ [يوسف: ٤٠] أي: الفضل بالأمر والنهي إلا لله ﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [يوسف: ٤٠] أي: الذي أمر به من ﴿أَلَّا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ﴾ [يوسف: ٤٠] وهو الدين المستقيم ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٤٠] قال ابن عباس: لا يعلمون ما للمطيعين من الثواب، وللعاصين من العقاب.
قوله: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا﴾ [يوسف: ٤١] الآية، قال الكلبي: لما قص الساقي رؤياه على يوسف قال له: ما


الصفحة التالية
Icon