أَنَا يُوسُفُ} [يوسف: ٩٠] قال ابن الأنباري: أظهر الاسم ولم يقل: أنا هو تعظيما لما وقع به من ظلم إخوته، كأنه قال: أنا المظلوم المستحل منه المحرم المراد قتله، فكفى ظهور الاسم من هذه المعاني.
ولهذا قال: وَهَذَا أَخِي وهم يعرفونه لأن قصده: وهذا المظلوم كظلمي ﴿قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا﴾ [يوسف: ٩٠] قال ابن عباس: بكل خير في الدنيا والآخرة.
قال آخرون: بالجمع بيننا بعد التفرقة ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيِصْبِرْ﴾ [يوسف: ٩٠] قال ابن عباس: من يتق الله ويصبر على المصائب وعن المعاصي.
وقال مقاتل: من يتق الزنا ويصبر على الأذى.
﴿فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٩٠] أجر من كان هذا حاله.
﴿قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا﴾ [يوسف: ٩١] بالعلم والحلم والعقل والحسن والملك ﴿وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ﴾ [يوسف: ٩١] قال ابن عباس: لمذنبين آثمين في أمرك.
﴿قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ﴾ [يوسف: ٩٢] لا تعيير ولا توبيخ، يقال: ثربه.
إذا عيره، وروى ابن الأنباري، عن ثعلب: ثرب فلان على فلان إذا عدد عليه ذنوبه.
قال ابن عباس: يريد لا لوم عليكم.
وقال الكلبي: لا أعيركم بعد اليوم بهذا أبدا.
وقال ابن الأنباري: أي: قد انقطع عنكم توبيخي عند اعترافكم بالذنب.
ويجوز الوقف عند الأخفش على قوله: عليكم ثم يقول: ﴿الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [يوسف: ٩٢] فيعلق اليوم بالغفران، وذكره ابن الأنباري أيضا، قال ابن عباس: جعلهم في حل وسأل الله لهم المغفرة، وأخبرنا أن الله أرحم بأوليائه من الوالدين بولدهما.
وهو قوله: ﴿وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [يوسف: ٩٢] ولما عرفهم يوسف نفسه سألهم عن أبيه فقال: ما فعل أبي بعدي؟ قالوا: ذهبت عيناه.
فأعطاهم قميصه، فهو قوله: ﴿اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي﴾ [يوسف: ٩٣] الآية.
وكان من شأن ذلك القميص ما
٤٧٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، أنا أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو لُبَابَةَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَهْدِيِّ، نا عَمَّارُ بْنُ الْحَسَنِ، نا شُجَاعُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَمَّا قَوْلُهُ: اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَإِنَّ نُمْرُوذَ الْجَبَّارَ لَمَّا أَلْقَى إِبْرَاهِيمَ فِي النَّارَ نَزَلَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِقَمِيصٍ مِنَ الْجَنَّةِ وَطِنْفِسَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ، فَأَلْبَسَهُ الْقَمِيصَ وَأَقْعَدَهُ عَلَى الطِّنْفِسَةِ وَقَعَدَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ فَكُسِيَ إِبْرَاهِيمُ ذَلِكَ الْقَمِيصَ إِسْحَاقَ، وَكَسَاهُ إِسْحَاقُ يَعْقُوبَ، وَكَسَاهُ يَعْقُوبُ يُوسُفَ فَجَعَلَهُ فِي قَصَبَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَعَلَّقَهَا فِي عُنُقِهِ، فَأُلْقِيَ فِي الْجُبِّ وَالْقَمِيصُ فِي عُنُقِهِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا﴾ [يوسف: ٩٣] الآية
ونحو هذا قال عامة المفسرين، قال ابن عباس: أخرج لهم قصبة من فضة كانت في عنقه لم يعلم بها إخوته


الصفحة التالية
Icon