فيها قميص، وهو الذي نزل به جبريل على إبراهيم.
وذكر القصة، وقال مجاهد: أمره جبريل أن أرسل إليه قميصك فإن فيه ريح الجنة لا يقع على مبتلى ولا سقيم إلا صح وعوفي، وقال الحسن: لولا أن الله أعلمه لم يدر أنه يرجع إليه بصره.
فذلك قوله: ﴿يَأْتِ بَصِيرًا﴾ [يوسف: ٩٣].
قال ابن عباس: يرتد بصيرا ويذهب البياض الذي على عينيه.
وقال السدي: يعد بصيرا.
وقال الفراء: يرجع بصيرا.
وقوله: ﴿وَأَتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [يوسف: ٩٣] قال الكلبي: وكان أهله نحوا من سبعين إنسانا، وقال مسروق: دخل أهل يوسف مصر وهم ثلاثة وتسعون من رجل وامرأة.
﴿وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ {٩٤﴾ قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ ﴿٩٥﴾ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ﴿٩٦﴾ قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ﴿٩٧﴾ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿٩٨﴾ } [يوسف: ٩٤-٩٨] قوله: ﴿وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ﴾ [يوسف: ٩٤] يقال: فصل فلان من عند فلان فصولا.
إذا خرج من عنده، قال المفسرون: لما خرجت العير من مصر متوجهة إلى كنعان قَالَ أَبُوهُمْ لمن حضره من أهله وقرابته وولد ولده وأولاده كانوا غائبين عنه ﴿إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ﴾ [يوسف: ٩٤] قال ابن عباس: هاجت ريح فحملت قميص يوسف إلى يعقوب وبينهما مسيرة ثماني ليال، وقال مجاهد: هبت ريح فضربت القميص ففاحت روائح الجنة في الدنيا، واتصلت بيعقوب، فوجد ريح الجنة فعلم أنه ليس في الدنيا من ريح الجنة إلا ما كان من ذلك القميص فمن ثم قال: ﴿إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ﴾ [يوسف: ٩٤] وذكر في القصة: أن ريح الصبا استأذنت ربها في أن تأتي يعقوب بريح يوسف قبل أن يأتيه البشير بالقميص فأذن لها، فأتته بها ولذلك يستروح كل محزون بريح الصبا، ويتنسمها المكربون فيجدون لها روحا، وقد أكثر الشعراء ذكرها في أشعارهم، وهي تأتي من ناحية الشرق، وفيها لين إذا هبت على الأبدان نعمتها ولينتها، وهيجت الأشواق إلى الأحباب، والحنين إلى الأوطان، قال أبو صخر الهذلي: