أَحَدًا ﴿٣٨﴾ وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالا وَوَلَدًا ﴿٣٩﴾ فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ﴿٤٠﴾ أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا ﴿٤١﴾ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ﴿٤٢﴾ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا ﴿٤٣﴾ هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ﴿٤٤﴾ } [الكهف: ٣٢-٤٤] قوله: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا رَجُلَيْنِ﴾ [الكهف: ٣٢] قال عطاء، عن ابن عباس: يريد ابني ملك كان فِي بني إسرائيل، توفي وترك ابنين، فاتخذ أحدهما الجنان والقصور، والآخر كان زاهدا فِي الدنيا، راغبا فِي الآخرة، فكان إذا عمل أخوه شيئا من زينة الدنيا، أخذ مثل ذلك فقدمه لآخرته، وأخذ به عند الله الجنان والقصور، حتى نفذ ماله، فضربهما الله تعالى مثلا للمؤمن والكافر الذي ابطرته النعمة.
وهو قوله: ﴿جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ﴾ [الكهف: ٣٢] الحق الإحاطة بالشيء، ومنه قوله: ﴿حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ﴾ [الزمر: ٧٥].
يقال: جعلنا النخل مطيفا بهما، ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا﴾ [الكهف: ٣٢] بين الجنتين، ﴿زَرْعًا﴾ [الكهف: ٣٢].
ثم أخبر أنهما كانا يؤديان حملهما من نخلهما وأعنابهما، والزرع الذي كان بينهما، قال: ﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا﴾ [الكهف: ٣٣] أي: آتت صاحبها أكلها، وهو ما يؤكل منها من الريع، ﴿وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا﴾ [الكهف: ٣٣] لم تنقص، يقال: ظلمه حقه أي نقصه، وفجرنا خلالهما أنبطنا وأخرجنا وسط الجنتين، ﴿نَهَرًا {٣٣﴾ وَكَانَ لَهُ} [الكهف: ٣٣-٣٤] للأخ الكافر، ثمر قال الوالبي: مال.
وقال مجاهد: ذهب وفضة.
وقال قتادة: من كل المال.
وقرئ ثمر وثمر بضم الثاء وسكون الميم.
قال الليث: الثمر حمل الشجر، والثمر أنواع المال، يقال: أثمر الرجل إذا كثر ماله، وثمر الله مال فلان كثره.
والثمر تخفيف الثمر، مثل عنق وعنق، المفسرون على أن الثمر ههنا الأموال.
﴿فَقَالَ لِصَاحِبِهِ﴾ [الكهف: ٣٤] لأخيه، ﴿وَهُوَ يُحَاوِرُهُ﴾ [الكهف: ٣٤] يراجعه الكلام، ويجاوبه، ﴿أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾ [الكهف: ٣٤] النفر والقوم والرهط معناها الجمع، لا واحد لها من لفظها، قال ابن عباس: يريد كثرة العبيد، وعزه فيهم.
وقال قتادة: وتلك والله أمنية الفاجر، كثرة المال، وعزة النفر، وهم الخدم والحشم.
وقال غيره: يعني عشيرة ورهطا.
قوله: ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ﴾ [الكهف: ٣٥] قال المفسرون: أخذ بيد أخيه المسلم، فأدخله جنته، يطوف به فِيها، ويريه إياها، ويعجبه