وتكلموا، ما آمنوا لما سبق عليهم في علمي.
ونظير هذه الآية قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ﴾ [الأنعام: ١١١] إلى قوله ﴿مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا﴾ [الأنعام: ١١١]، ﴿بَلْ لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا﴾ [الرعد: ٣١] يقول: دع ذاك الذي قالوا من تسيير الجبال وغيره، فالأمر لله جميعا، ولو شاء أن يؤمنوا لآمنوا، وإذا لم يشأ لا ينفع تسيير الجبال وما اقترحوا من الآيات، ثم أكد هذا المعنى بقوله: ﴿أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [الرعد: ٣١] قال ابن عباس: أفلم يعلم.
وقال الكلبي: ييأس يعلم في لغة النخع.
وهذا قول مجاهد، والحسن، وقتادة.
وقوله: ﴿وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ﴾ [الرعد: ٣١] أي: بما صنعوا من كفرهم وأعمالهم الخبيثة داهية تقرعهم، ومصيبة شديدة من الأسر والقتل والحرب والجدب.
وقال مجاهد، وأبو سعيد الخدري: هي السرايا التي كان يبعثها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليهم.
أو تحل تنزل أنت يا محمد قريبا من دارهم، ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٣١] يعني فتح مكة، وعده الله أن يفتحها له، ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [الرعد: ٣١] ثم عزى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الرعد: ٣٢] أطلت لهم المدة بتأخير العقوبة، ﴿ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ﴾ [الرعد: ٣٢] قال ابن عباس: يريد كيف رأيت ما صنعت بهم، كذلك أصنع بمشركي قومك.
قوله: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [الرعد: ٣٣] قال ابن عباس: كذلك أمتنع، يريد نفسه تبارك وتعالى.
ومعنى القيام ههنا التولي لأمور خلقه، والتدبير للأرزاق والآجال، وإحصاء الأعمال للجزاء، كقوله: قائما بالقسط أي: واليا لذلك، والمعنى ههنا: أفمن هو قائم بالتدبير على كل نفس بجزاء ما كسبت، وتلخيصه: أفمن هو مجاز كل نفس بما كسبت، كمن ليس بهذه الصفة من الأصنام التي لا تنفع ولا تضر؟ ويدل على هذا المحذوف قوله: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ﴾ [الرعد: ٣٣] قال الفراء:


الصفحة التالية
Icon