والمراد بالسمي: المثل والنظير، كقوله تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٦٥] أي: مثلا وعدلا، ولم يكن ليحيى مثل من البشر من حيث إنه لم يعص، ولم يهم بمعصية قط.
٥٨٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْجُذَامِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدُوَيْهِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ سِنَانٍ، نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، نا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِي، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: كُلُّ بَنِي آدَمَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ ذَنَبٌ إِلا مَا كَانَ مِنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، قَالَ: ثُمَّ وَلَّى رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَدَهُ فَأَخَذَ عُودًا صَغِيرًا، ثُمَّ قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا لِلرِّجَالِ إِلا مِثْلُ هَذَا الْعُودِ؛ لِذَلِكَ سَمَّاهُ اللَّهُ سَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ
﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا {٨﴾ قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ﴿٩﴾ } [مريم: ٨-٩] قوله: ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ﴾ [مريم: ٨] مفسر فِي ﴿ [آل عمران إلى قوله:] وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾ [سورة مريم: ٨] يقال: عتا الشيخ يعتو عتيا إذا انتهى سنه وكبر، وشيخ عات وعاث إذا صار إلى حال اليبس والجفاف.
قال قتادة، ومجاهد: هو نحول العظم.
وسأل نافع بن الأزرق بن عباس عن قوله: عتيا فقال: المعنى اليبوس من الكبر.
وقرئ عتيا بالكسر، وكذلك صليا وبكيا وجثيا يجوز فِيها الكسر أيضا، وذكرنا هذا فِي قوله: من حليهم، وحليهم.
قال الله، كَذَلِكَ أي: الأمر كما قيل لك، هبة الولد على الكبر، ﴿قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾ [مريم: ٩] قال ابن عباس: يريد أن أرد عليك قوتك حتى تقوى على الجماع، وأفتق رحم امرأتك بالولد.
﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ﴾ [مريم: ٩] من قبل يحيى، وقرئ خلقناك لكثرة ما جاء من لفظ الخلق مضافا إلى لفظ الجمع، كقوله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ﴾ [الحجر: ٢٦] فِي


الصفحة التالية
Icon